(إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً) أي (سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً وعلمنا مما سمعنا أنه (تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) ..
وهكذا كل ما جاء على لسان الجن بعد هذا ، هو معمول لفعل مترتب على استماعهم لما استمعوا من آيات الله وما كشفت لهم من حق وهدى.
وقولهم : (تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) أي عظم مجده ، وتعالى سلطانه ، وتنزهت عزته عن أن يتخذ صاحبة أو ولدا .. فإن اتخاذ الصاحبة أو الولد ، إنما يكون عن حاجة إليهما ، بحيث لو افتقد الإنسان وجودهما بين يديه تطلعت إليهما نفسه ، وشغل بهما قلبه ، والله ـ سبحانه ـ فى غنى عن كل شىء .. فكل شىء هو منه ، وله ، وإليه ..
قوله تعالى :
* (وَأَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللهِ شَطَطاً) ..
أي وعلمنا مما استمعنا إليه من هذا القرآن العجب أن ما كان يقوله السفهاء منّا عن الله ، وعن اتخاذه الصاحبة والولد ـ هو قول بعيد عن الحق ، مشتط عن الصواب ، فى حق الله سبحانه ، وفيما ينبغى أن يكون لذاته من كمال ، وجلال ، وأن هؤلاء الذين جعلوا لله أندادا ، واتخذوا من دونه أولياء ، ونسبوا إليه الزوج والولد ـ هؤلاء ضالون مشركون ..
والشطط ، والاشتطاط ، الخروج عن القصد والاعتدال ، ومجاوزة الحد فى القول ، أو العمل .. وهذا مثل قوله تعالى على لسان أصحاب الكهف : (لَنْ نَدْعُوَا مِنْ دُونِهِ إِلهاً لَقَدْ قُلْنا إِذاً شَطَطاً) (١٣ : الكهف) ..