جلسوا بين يدى ما يتلى من آيات الله ، حتى ملك القرآن زمامهم ، وأحال وجودهم كله آذانا صاغية ، وقلوبا خاشعة ، من غير معالجة أو معاناة ، من داخل أنفسهم أو خارجها ..
وقوله تعالى : (يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ) هو صفة أخرى للقرآن ، على لسان الجن ، بعد الصفة الأولى التي وصفوه بها ..
فالصفة الأولى ، وصف لنظمه ، وأنه كلام عجب لم يسمعوا مثله ..
والصفة الأخرى ، وصف لمعانيه ، ولما اشتمل عليه نظمه العجيب من معان كريمة ، مضيئة بنور الحق ، تهدى إلى الرشد ، والفلاح ..
وقوله تعالى : (فَآمَنَّا بِهِ وَلَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً) ـ هو المسبب عن هذه الأوصاف ، التي رآها الجن فى القرآن ، والتي وقعت فى نفوسهم منه ، ولهذا فهم يؤمنون بهذا القرآن ، وبأنه كلام الله ، ونوره المرسل هدى ورحمة للعالمين .. وهم لهذا لن يشركوا بالله ، ولن يعبدوا إلها معه ، كما كانوا يفعلون من قبل فعل الضالين والمشركين من الإنس ..
وقوله تعالى :
* (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَلا وَلَداً) ..
جدّ ربنا : ملكه ، وسلطانه ، ومجده ،. وأصل الجد : الحظ ، والنصيب الذي يصيبه الإنسان فى حياته من حظوظ الدنيا .. فجدّه هو كل ماله من مال ، ومتاع ، وبنين ، وعلم ، وجاه وسلطان ..
وقوله تعالى : (وَأَنَّهُ تَعالى جَدُّ رَبِّنا) هو معمول لفعل محذوف ، معطوف على قوله تعالى :