والكفّار : صيغة مبالغة من الكفر ، وهو الذي يلغ كفره غاية ليس بعدها كفر.
قوله تعالى :
* (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِوالِدَيَّ وَلِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ مُؤْمِناً وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً).
وفى مقابل نقمة نوح على الكافرين والضالين ، تتفتّح عواطف الرحمة والحنان كلها فى قلبه ، فيحيلها دعوات ضارعة إلى الله بالمغفرة له ، ولوالديه ، ولمن دخل بيته مؤمنا وللمؤمنين والمؤمنات ..
ومن دخل بيت نوح مؤمنا ، هم أهله ، إلا امرأته ، وابنه ، أو هم الذين دخلوا معه دين الله ، أو دخلوا معه السفينة .. ويكون دعاؤه للمؤمنين والمؤمنات ـ على هذا المعنى ـ متجها إلى أهل الإيمان جميعا ، فى كل زمان ومكان ..
وقوله تعالى : (وَلا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً ..) هو بقية من المرارة والألم الذي كان يجده من قومه ، والذي لم يذهب به كل ما دعا عليهم به من مهلكات ، فلم ينس وهو يطلب لنفسه ولوالديه ، وأهله ، وللمؤمنين والمؤمنات الرحمة والمغفرة من الله ـ لم ينس أن يجعل خاتمه دعائه ، أن يرمى القوم الكافرين بآخر سهم معه ، حتى بعد أن صاروا جثثا هامدة ..
والتباب : البوار ، والهلاك ، والبعد عن كل خير .. ومنه قوله تعالى : (تَبَّتْ يَدا أَبِي لَهَبٍ وَتَبَّ) ..
هذا ، وقد يبدو أن هذا الموقف الذي وقفه نوح من قومه ، فيه جفاء لهم ، وغلظة عليهم ، وأنه لم يأس على هلاكهم ، ولم تعطفه عليهم عاطفة