وهم يهطعون جماعات جماعات ، عن يمين النبي وعن شماله ، ينطلقون فى كل وجه ، كما تنطلق الماشية في المرعى ، على حين يرون النبي والمؤمنين ، فى شغل بعبادة الله ، وسعى إلى الصلاة ، فلا يكون منهم إلى النبي وأصحابه إلا نظرات تائهة بلهاء ، أو عيون متغامزة فى سخرية واستهزاء ..
والعزون. الجماعة ، ومنه العزّة ، وهى تكون غالبا من لوازم الكثرة.
قوله تعالى :
* (أَيَطْمَعُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُدْخَلَ جَنَّةَ نَعِيمٍ؟).
الاستفهام إنكارى ، وقد جاء الجواب عنه بالنفي فى قوله تعالى :
(كَلَّا .. إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ).
أي كلا .. إنهم لن يدخلوا مداخل المؤمنين أبدا ، ولن يكون لهم إلى جنة النعيم سبيل.
وقوله تعالى : (إِنَّا خَلَقْناهُمْ مِمَّا يَعْلَمُونَ) .. هو بيان لقدرة الله سبحانه وتعالى ، وأن أمر البعث الذي ينكرونه ، وهو الذي يفسد عليهم رأيهم فيما يسمعون من آيات الله ـ هو هيّن بالنسبة لخلقهم من هذه النطفة ، التي لا تعدو أن تكون نفاية من تلك النفايات التي تلفظها أجسامهم ، كالمخلط ، أو اللعاب ونحوها .. ومع هذا فإن هذه النطفة يقوم منها إنسان سوىّ الخلق ، خصيم مبين!!.
فهذه النطفة التي يتخلق منها الإنسان ، هى مما يعلم هؤلاء المشركون علما مستيقنا ، بالتجربة الواقعة ، التي لا تغيب عن أشدّ الناس غباء وجهلا.
قوله تعالى :
* (فَلا أُقْسِمُ بِرَبِّ الْمَشارِقِ وَالْمَغارِبِ إِنَّا لَقادِرُونَ ، عَلى أَنْ نُبَدِّلَ خَيْراً مِنْهُمْ وَما نَحْنُ بِمَسْبُوقِينَ).