فى الكائن الحىّ ، يقوم عليها بقاؤه وحفظ نوعه .. وإنه حين يفقد الكائن الحىّ فعالية هذه الغريزة ، يفقد الحياة فى أولى خطواته على طريقها .. سواء فى ذلك الإنسان ، أو الحيوان ، وحتى النبات .. وأكاد أقول والجماد أيضا!! ..
والإنسان بما فيه من عقل وذكاء ، قد مكّن لهذه الغريزة فى كيانه ، وأقام منها حارسا يقظا عليه ، ووضع بين يدى هذا الحارس أكثر من سلاح يدفع به أي خطر يقع ، أو يتوقع أن يقع ..
وفى الآخرة أهوال تأخذ الناس بالنواصي والأقدام .. (إن زلزلة الساعة شىء عظيم ، يوم ترونها تذهل كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد) (١ ـ ٢ : الحج).
فى هذا الموقف الرهيب ، يساق المجرمون ، والعصاة ، إلى ساحة القصاص ، حيث يرون رأى العين مصيرهم الذي هم صائرون إليه ، والمنزل الذي سينزلونه من جهنم ، التي إذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظا وزفيرا ..
إن القلوب لتنخلع من هذا الهول ، إن كان هناك قلوب لم تذهب بها مطالع الأهوال ، ولم تفتتها الآلام والحسرات .. إنها حال لا يمكن أن تتصورها العقول ، ولا أن يحيط بها وصف ، لأنها مما لن يقع إلا فى هذا اليوم.
هناك صراخ وعويل ، وزفرات وأنين ، ولهفات وحسرات ، يختلط بعضها ببعض ، فتملأ أسماع العالمين بهذه المناحة المروّعة ، التي تزيد فى الآلام ، وتضاعف من العذاب!.