وفى التعبير عن كشف هذا السرّ بقوله تعالى : (نَبَّأَتْ بِهِ) إشارة إلى ما كان لهذا الحديث عند إظهاره من أثر فى بيت النبىّ ، وأنه أحدث هزّة ، كشأن كل نبأ .. لأن النبأ هو الخبر المثير ، الذي يغطّى على غيره من الأخبار ..
وقوله تعالى : (وَأَظْهَرَهُ اللهُ عَلَيْهِ) أي أعلم الله النبىّ بهذا الخبر الذي أذاعته حفصة ، على ما كان يجرى بين نسائه من حديث بشأنه.
وقوله تعالى : (عَرَّفَ بَعْضَهُ وَأَعْرَضَ عَنْ بَعْضٍ) ـ هو جواب «لمّا» أي لما أذاعت «حفصة» هذا السرّ ، وأعلم الله النبىّ بما حدث : «عرّف بعضه وأعرض عن بعض» أي كشف النبي عن بعض هذا الحديث الذي أذاعته حفصة ، ولم يذكر لها كل ما دار بينها وبين من أفضت لها به ، وما اتفقتا عليه من كيد فيما بينهما .. وذلك حتى لا يجرح شعورها ، ولا يخدش حياءها ، فلم يصرح لها بكل ما عرف ، بل أخبرها بهذا فى إشارة دالة غير فاضحة .. فإن الكريم لا يستقصى .. ومن أكرم من سيد الكرماء عليه الصلاة والسلام؟
وقوله تعالى : (فَلَمَّا نَبَّأَها بِهِ قالَتْ مَنْ أَنْبَأَكَ هذا قالَ نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) أي حين علمت حفصة من النبي أنه يعلم كثيرا مما دبرت هى وصاحبتها من كيد ، سألت النبي عمن أنبأه بهذا الحديث الذي كان بينها وبين صاحبتها ، والذي لم يكن معهما من شهد ما تحدث به ، فقال لها النبي ـ صلوات الله وسلامه عليه ـ (نَبَّأَنِيَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ) أي الذي أخبرنى بما أسررتما ، هو الله سبحانه ، وهو العليم بكل شىء ، الخبير بما فى السرائر من خير أو شر.
قوله تعالى :
(إِنْ تَتُوبا إِلَى اللهِ فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما وَإِنْ تَظاهَرا عَلَيْهِ فَإِنَّ اللهَ هُوَ مَوْلاهُ وَجِبْرِيلُ وَصالِحُ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمَلائِكَةُ بَعْدَ ذلِكَ ظَهِيرٌ) ..