وقوله تعالى : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) ـ ليس عتابا ، كما يبدو. وإنما هو دعوة من الله سبحانه وتعالى ـ فى لطف ورفق ـ إلى النبي صلوات الله وسلامه عليه ألا يحرم ما أحل الله له ، وألا يشق على نفسه بالأخذ باليمين الذي حلف بها ، وقد جعله الله سبحانه وتعالى فى سعة من أمره ، بالتحلّه من هذه اليمين ، وذلك بالكفارة عنها.
وقوله تعالى : (تَبْتَغِي مَرْضاتَ أَزْواجِكَ) حال من فاعل الفعل «تحرم» وهو النبي صلوات الله وسلامه عليه ، أي لم تحرم ما أحل الله لك ، مبتغيا بهذا التحريم مرضاة أزواجك.
قوله تعالى : (وَاللهُ غَفُورٌ) ـ هو دعوة للنبى الكريم إلى أن يتحلل من يمينه التي حلفها بألا يقرب (مارية) .. فالله سبحانه يغفر له هذه اليمين بالكفارة عنها ، والله ـ سبحانه ـ غفور ، وهو سبحانه «رحيم» وإن أولى الناس برحمة الله ، هو رسول الله ، فليرحم الرسول الكريم نفسه ، ولا يشقّ عليها بهذا التحريم لما أحل الله له ، فى سبيل مرضاة أزواجه ، إذ كانت مرضاتهن عدوانا على حق النبي ، فى التمتع بما أحل الله له.
وقوله تعالى :
(قَدْ فَرَضَ اللهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمانِكُمْ وَاللهُ مَوْلاكُمْ وَهُوَ الْعَلِيمُ الْحَكِيمُ)
هو بيان لبعض آثار مغفرة الله ورحمته ، وهو ما فرضه سبحانه ، وقضى به ، من التحلل من الأيمان بالكفارة عنها ، إذا كان التحلل من اليمين خيرا من إمضائها ..
وفى هذا يقول الرسول الكريم : «من حلف على يمين فرأى غيرها خيرا منها ، فليكفّر عن يمينه ، ثم ليفعل الذي هو خير».