دعوة للنبى من ربه أن يرفق بنفسه ، وألا يحملها على ما يكره ، فى سبيل إرضاء غيره .. وهذا من لطف الله سبحانه برسوله الكريم ، وليس عتابا ، ولا لوما ، كما ذهب إلى ذلك بعض المفسرين.
ويذكر المفسرون لهذه الآية وما بعدها أسبابا لنزولها .. ومن الأسباب التي يذكرونها ، والتي نراها أقرب إلى مفهوم الآيات من غيرها ـ ما بروى من أن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، حين أهديت له مارية القبطية ، أدخلها ذات مرة حجرة زوجه ، حفصة بنت عمر ، وكانت حفصة غائبة ، فلما جاءت ، ووجدت النبي ، ومارية فى حجرتها ، غضبت ، وقالت فيما قالت للنبىّ : إنه ما اتخذ حجرتها مأوى لمارية ، دون حجرات غيرها من نسائه ، إلا لهوا نها عليه .. فأرضاها النبىّ الكريم ، وحلف لها ألا يقرب مارية بعد هذا ، وأوصاها ألا تتحدث بما كان إلى أحد من نسائه ، حتى لا تثير غيرتهن فى أمر قد قضى النبي قضاءه فيه ، وهو تحريم مارية ..
قالوا ، ولكن الذي حدث ، هو أن حفصة أذاعت هذا السر ، وأفضت به إلى عائشة ـ رضى الله عنها وعن أزواج رسول الله جميعا ـ وكان من هذا حديث متصل يدور بين أزواج النبي تألّم منه النبي ، وضاق به صدره فآلى (١) من نسائه جميعا ، ألا يقربهن شهرا.
وفى هذا نزلت الآية : (يا أَيُّهَا النَّبِيُّ لِمَ تُحَرِّمُ ما أَحَلَّ اللهُ لَكَ) والآيات التي بعدها ..
__________________
(١) الإيلاء : الحلف بيمين غير الطلاق ؛ وهو أن يحلف المرء على زوجه ألا يقربها مدة معينة ، لا نتعدى أربعة أشهر.