قوله تعالى :
(وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لا يَحْتَسِبُ وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللهَ بالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْراً) ..
هو معطوف على قوله تعالى : (يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) .. وهو واقع فى جواب الشرط : «ومن يتق الله» ..
وقد جاء أحد جوابى الشرط فاصلة للاية .. ثم جاء الجواب الثاني بدءا لآية أخرى.
وهذا الفصل بقوله تعالى : (مَخْرَجاً) ليس لرعاية الفاصلة ، كما يذهب إلى ذلك علماء البلاغة وأكثر المفسرين .. فإن كلام الله تعالى منزه عن أن تحكمه الضرورات التي تحكم أعمال البشر ، من شعر ونثر ..
وإن هذا الفصل لهو إعجاز من أعجاز القرآن .. هذا ما ينبغى أن نستيقنه ، سواء اهتدينا إلى مواقع هذا الإعجاز ، أو لم نهتد إليها ..
والذي نقوله ـ والله أعلم ـ إن قوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ) هو شرط يواجه به كل من الزوج والزوجة .. وأما الجوابان ، وهما : «يجعل له مخرجا» ثم «ويرزقه من حيث لا يحتسب» فأولهما الزوج ، الذي وعده الله سبحانه بأن يجعل له مخرجا ، إذا هو اتقى الله .. وأما الجواب الآخر ، فهو الزوجة ، التي وعدها الله سبحانه ، بأن يرزقها من حيث لا تحتسب ، ولا تقدّر ، إذا هى اتقت الله ، فى موقفها من زوجها فى فترة العدة ..
وهذا لا يمنع من أن يكون ذلك الشرط ، وجواباه ، للعموم ، بمعنى أن كلّ من اتقى الله ، يجعل الله له مخرجا ، ويرزقه من حيث لا يحتسب .. ولكن لمّا كان ذلك فى مواجهة الزوجين ، المزمعين على الفراق ، جاءت الجملة الشرطية ضابطة لحالهما فأعطت كلّا منهما ما يناسبه .. ثم كان منها هذا الشمول الذي يسع الناس جميعا.