ينتهى عندها الأمر ، إلى مراجعة ، أو طلاق ـ كان الرجل بالخيار ، إما أن يمسك مطلقته بمعروف ، أو يفارقها بمعروف ، فلا يكون إمساكه لها للضرار والنكاية ، ولا يكون فراقها للانتقام والتشفي .. وإنما الذي يقضى به شرع الله ، أن يكون كلّ من الإمساك ، أو الفراق ، قائما على العدل ، والإحسان ، وتجنب البغي والعدوان .. ثم أن يكون هذا ، وذاك ، بمحضر من شاهدى عدل يشهد ان المراجعة ، أو الفراق .. وهذا الإشهاد مندوب إليه عند أبى حنيفة ، أمّا عند الشافعي ، فهو واجب فى الرجعة ، مندوب إليه فى الفرقة ..
وفائدة هذا الإشهاد ، هو ألا يقع بينهما التجاحد ، ولئلا يموت أحدهما فيدّعى الآخر ثبوت الزوجية ليرث ، فى حال أنّ الفراق قد تم بينهما.
وقوله تعالى : (ذلِكُمْ يُوعَظُ بِهِ مَنْ كانَ يُؤْمِنُ بِاللهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ) أي ذلك التدبير الذي دبره الله سبحانه وتعالى ، وتلك الحدود التي رسمها لهذا الأمر ، إنما يوعظ به ، ويستقيم عليه من كان يؤمن بالله واليوم الآخر ، فيحول هذا الإيمان بينه وبين التعدّى على حدود الله ..
وقوله تعالى : (وَمَنْ يَتَّقِ اللهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجاً) أي ومن يلتزم حدود الله ، ويراقب ربه ويخش سلطانه ـ يجعل له مخرجا مما هو فيه ، من معاناة وضيق ، وهو فى مواجهة هذا الموقف ، الذي تتغير فيه حياته .. فإذا اتقى الله ، ولزم حدوده ، اختار له الله سبحانه وتعالى الطريق المستقيم ، الذي يتبدل فيه حاله من ضيق إلى سعة ، ومن همّ إلى فرج ، سواء أكان ذلك بإمساك الزوجة أو فراقها ، أو فى أي أمر من أمور الحياة يعرض له ، فإن تقوى الله فى هذا الأمر ، كفيلة بأن تبلغ به مرفأ الأمن والسلام