وإذا كانت الآيات السابقة ، قد تحدثت عن المنافقين فى عمومهم ، وعن الصفات النفسية والجسدية التي يستدل بها عليهم ، دون أن تشير إلى معيّن منهم بالذات ، أو الاسم ـ فقد جاءت هذه الآية والآية التي بعدها لتواجه وجها منكرا من وجوه المنافقين ، ولتقرع رأسا عفنا من رءوسهم ، هو عبد الله بن أبىّ بن سلول ..
فلقد نزلت هاتان الآيتان فى أعقاب حادثة استعلن فيها نفاق هذا المنافق على الملأ ، ولم يبق إلا أن تجىء آيات الله لتسجل عليه هذا النفاق ، وتدمغه به إلى يوم الدين ..
قالوا إن رسول الله صلىاللهعليهوسلم ، قد بلغه أن بنى المصطلق (من اليهود) كانوا يجمعون لحرب المسلمين ، فخرج إليهم رسول الله فى أصحابه ، ولقيهم على ماء يقال له المريسيع من ناحية قديد إلى ساحل البحر ، وهزم الله أعداء الله ، ونفل أبناءهم ، ونساءهم وأموالهم .. قالوا : وبينما الناس على الماء ، وقع شجار بين غلام لعمر بن الخطاب يقال له الجهجاه بن سعيد ، ورجل من الأنصار يقال له سنان الجهني ، فصرخ الجهني يا معشر الأنصار ، وهتف الجهجاه : يا معشر المهاجرين .. وكادت تكون فتنة ، وجعل عبد الله بن أبى يقول لمن يلقاه من الأنصار : قد نافرونا وكائرونا فى بلادنا .. والله لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل .. هذا يا معشر الأنصار ما فعلتم بأنفسكم ، أحللتموهم بلادكم ، وقاسمتموهم أموالكم ، أما والله لو أمسكتم عنهم فضل الطعام لم يركبوا رقابكم ، ولأوشكوا أن يتحولوا من بلادكم ، ويلحقوا بعشائرهم ومواليهم ..!!»
فلما علم رسول الله صلىاللهعليهوسلم بما يحدّث به عبد الله بن أبىّ فى