يفتّن فيه ، لا فرارا من زوج ، ولا رغبة فى زواج ، ولا طمعا فى مأرب من مآرب الحياة .. فإذا تبين أنهن على الإيمان .. كان على المؤمنين أن يؤو وهن إليهم ، وأن يمسكوا بهن فى مجتمع المؤمنين ، وألّا يرجعوهن إلى الكفار .. وذلك لأمرين :
أولهما. أن النساء لم يدخلن فى الشرط الذي اشترط فيه المشركون على المسلمين أن يردوا إليهم من أتاهم مؤمنا من المشركين .. فهذا شرط خاص بالرجال ، دون النساء ..
وثانيهما : أن النساء لا يصبرن طويلا على موقع الفتنة من المشركين ، ولا يحتملن ما يحتمل الرجال من بلاء فى سبيل العقيدة التي يعتقدنها ، إنهن أسرع تحولا ، وأقل ثباتا وصبرا من الرجال ، وإن كان فى بعض النساء ما لأقوى الرجال من عزيمة وثبات ، إلا أن النساء فى مجموعهن دون الرجال فى هذا المقام ..
وفى قوله تعالى : (اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ) ـ إشارة إلى أن الامتحان الذي يمتحن به المؤمنون المؤمنات المهاجرات إليهن ـ هو امتحان لا يكشف إلا عن ظاهر الحال منهن .. أما ما فى القلوب وما تكنّ الصدور ، فعلمه عند الله سبحانه وتعالى .. وأنه يكفى فى هذا الامتحان أن تشهد ظواهر الأحوال ما يدل على إيمان هؤلاء المؤمنات ، أما ما فى القلوب فأمره إلى الله ..
وقوله تعالى : (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) أي وردّوا إلى الكفار أيها المؤمنون ما أنفقوا على هؤلاء المؤمنات من مهور .. بمعنى أن المؤمنة التي كانت متزوجة من مشرك ثم جاءت مهاجرة إلى المؤمنين ، يجب على المؤمنين ، بعد امتحان إيمانها أن يمسكوها عندهم ، وأن يردّوا إلى زوجها المشرك ، ما كان قد أمهرها إياه ، فذلك المهر هو ما يمسك به زوجها المشرك منها ، وقد فرق الإسلام بينها وبينه ، فأصبحت بإسلامها محرمة عليه.