بنى قريظة ، قائلا : «من كان سامعا مطيعا فلا يصلّينّ العصر إلّا ببني قريظة» ، الذين ما إن علموا بهذا حتى دخلوا فى حصونهم ، وأغلقوها دون المسلمين ، فحاصرهم النبي وأصحابه أياما ، حتى رهقهم الحصار ، وبعثوا إلى النبي يطلبون إليه أن يرضوه بما شاء منهم ، فلم يقبل منهم إلا أن ينزلوا على حكمه أو حكم أحد أصحابه ، فرضوا بأن ينزلوا على حكم «سعد بن معاذ الأنصاري» الذي كان حكمه فيهم أن يقتل كل قادر على حمل السلاح من ذكورهم ، وأن يسبى النساء والأطفال .. وأن تقسم الأموال .. فأمضى الرسول هذا الحكم فيهم ..
قوله تعالى :
(كَمَثَلِ الشَّيْطانِ إِذْ قالَ لِلْإِنْسانِ اكْفُرْ فَلَمَّا كَفَرَ قالَ إِنِّي بَرِيءٌ مِنْكَ إِنِّي أَخافُ اللهَ رَبَّ الْعالَمِينَ).
أي أن مثل المنافقين مع إخوانهم هؤلاء من اليهود ، كمثل الشيطان ، الذي يدعو الإنسان إلى الكفر ، فيستجيب له ، ويتقبل دعوته ، ويأخذ بنصيحته ، حتى إذا كفر هذا الإنسان ، ولبس الكفر ظاهرا وباطنا ، وأحاطت به خطيئته ، وحلّت به النقمة ـ تركه الشيطان لمصيره ، ونفض يديه منه ، وتبرأ من الجناية التي جناها عليه ، وتنكر له ، بل ورماه بالجهل والغفلة ، ليزيد فى آلامه وحسرته ، وقال له : «إنى أخاف الله رب العالمين» .. وبهذا يريه أنه قد أضله ، وخدعه ، وصرفه عن الله ، وعن الخوف منه ، على حين أنه هو لم يصرف عن الله ، وعن خشيته والخوف منه ..!!
والسؤال هنا : ماذا يريد الشيطان بقوله : «إنى أخاف الله رب العالمين»؟ وهل هو صادق فيما يقول؟ وإذا كان صادقا فكيف يتفق هذا مع دعوة غيره إلى الكفر بالله والمحادة لله؟
والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ أن الشيطان يعلم ما لله سبحانه وتعالى