ما بقي ، فيه رضىّ لهم ، كما أن فيما ترك القوم من ديار ومتاع ، عوضا من هذا النخل الذي قطع .. وخاصة أن ما وقع لأيديهم قد جاءهم صفوا عفوا لم يوجفوا عليه بخيل ولا إبل ، ولم يقاتلوا فى سبيله.
وثانيهما : أن هذا المال ، الذي لم يقاتل عليه المسلمون ، لا ينطبق عليه حكم الغنائم ، التي يكون لله وللرسول ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل ، خمس ما غنموا ، ويكون للمقاتلين أربعة الأخماس الباقية ـ فهذا المال الذي لم يقاتل عليه المسلمون ، لا يقع تحت هذا الحكم ، وإنما هو كله لله وللرسول ، ولذى القربى واليتامى والمساكين وابن السبيل .. أي أنه يكون فى يد الرسول ، أو يد ولىّ الأمر القائم على المسلمين ، ينفقه فى هذه الوجوه.
قوله تعالى : (وَلكِنَّ اللهَ يُسَلِّطُ رُسُلَهُ عَلى مَنْ يَشاءُ) أي أن هذا النصر الذي وضعه الله بين أيديكم ، هو من عند الله ، لم تعملوا له بخيل ولا إبل ، ولم تنالوه بقوة السلاح ، ولكنه أتاكم بتأييد من الله سبحانه لرسوله ، وتمكين لكم من السلطان والغلب على من يشاء من عباده .. فهكذا يؤيد الله سبحانه وتعالى رسله ، وينصرهم ، ويجعل لهم سلطانا على الناس ، بما يضع فى أيديهم من معجزات ، وبما يمدهم به من جنود لا يعلمها إلا هو ، تحارب معهم ، وتلقى الرعب فى قلوب أعدائهم ..
فقوله تعالى : (يُسَلِّطُ رُسُلَهُ) أي يجعل لهم سلطانا .. فالتسلط هنا من السلطان ، ومن هذا قوله تعالى : (وَلَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى بِآياتِنا وَسُلْطانٍ مُبِينٍ) (٩٦ : هود) .. أي تسلط على فرعون ، وقهر له.