اللينة : النخلة ، وهى من اللّين ، الذي يدل على الرخاء والنعمة ، ولين العيش ، إذ كانت النخلة نعمة طيبة ، ورزقا كريما لأهل البادية ، فأطلقوا عليها هذا الاسم ، احتفاء بها ، وإشارة بفضلها ، كما سموا الخيل خيرا ، كما يشير إلى ذلك قوله تعالى على لسان سليمانعليهالسلام. (فَقالَ إِنِّي أَحْبَبْتُ حُبَّ الْخَيْرِ عَنْ ذِكْرِ رَبِّي) (٣٢ : ص) .. يريد الخيل.
والخطاب هنا للمسلمين الذين حاصروا بنى النضير ، الذين تحصنوا بحصونهم وأبوا أن يستسلموا ، فاتجه المسلمون إلى قطع نخيلهم التي كانت تحيط بديارهم .. فلما استسلموا للمسلمين بعد هذا ، وقع فى نفوس بعض المسلمين ندم على أنهم قطعوا هذا النخل الذي صار إلى أيديهم ، فجاء قوله تعالى هنا ، مسرّيا عن المسلمين ومعزيا لهم فى هذا الخير الذي فاتهم .. فما قطع من النخيل ، أو بقي منه ، فهو بما قضى به الله سبحانه وتعالى ؛ وإذن فلا يأس المسلمون على مافاتهم .. إذ كان ذلك عن إرادة الله سبحانه ، وعن إذن منه ..
ثم إنه لكى يرضى المسلمون بهذا القضاء ، وليروا وجه الحكمة منه ، فليعلموا أن ذلك إنما كان ليخزى الله به هؤلاء الفاسقين ، وليذلّهم ، وليريهم أن ما غرسوه بأيديهم ، وبذلوا له جهدهم وأموالهم ، قد استبدّت به يد المسلمين ، وحصدته يد المنايا كما يحصد الموت أبناءهم بين أيديهم ، دون أن يملكوا لذلك دفعا ..
وفى هذا ما فيه من إذلال لهم ، ومضاعفة للحسرة فى قلوبهم .. فإذا كان المسلمون قد خسروا شيئا من هذا الرزق الطيب ، فهو إنما هو الثمن الذي أدّوه لخزى أعدائهم وكتبهم ، تماما كما يؤدّون مثل هذا الثمن بمن يقتل منهم فى ميدان القتال ، لقاء النصر على العدو!.