إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التّفسير القرآني للقرآن [ ج ١٤ ]

311/521
*

انشزوا : النشز ، المكان المرتفع من الأرض ، والخارج على المنبسط منها .. والمراد بالنشوز هنا ، الخروج من المجلس .. ومنه الناشز ، وهى المرأة الخارجة عن طاعة زوجها ، والنشاز من كل شىء : الخارج على الوضع العام له .. ومنه قوله تعالى : (وَانْظُرْ إِلَى الْعِظامِ كَيْفَ نُنْشِزُها ثُمَّ نَكْسُوها لَحْماً) (٢٥٩ : البقرة)

ومناسبة هذه الآية لما قبلها ، هى أن الآيات السابقة ، أشارت إلى مجالس يتناجى فيها أهل المجلس ، ويفضى بعضهم إلى بعض بسره .. أما المنافقون فلا يتناجى بعضهم إلى بعض إلا بالإثم والعدوان ومعصية الرسول ، وأما المؤمنون فيتناجون بالبر والتقوى .. فناسب ذلك أن يذكر ما ينبغى أن يأخذ به المؤمنون أنفسهم ، من آداب فى مجالسهم العامة التي لا مناجاة فيها والتي يباح لأىّ منهم أن يأخذ مكانه فيها ، وذلك ، حتى لا يقع فى مجلسهم ما يثير ضغينة ، أو يوقع عداوة ..

ومما ألزم الله سبحانه وتعالى به المؤمنين من آداب المجلس ، أن يوسع بعضهم لبعضهم ، وأن يفسحوا للقادم عليهم مكانا بينهم ، فهو أشبه بالضيف ، ومن حق الضيف الترحيب به ، وإنزاله منزل الإكرام .. وإكرام الوافد على المجلس ، هو أن يجد له مكانا بين أهل المجلس ، وأن ينزل المنزل المناسب له بينهم ، حسب دينه ، وعلمه .. فلا يتصدر المجلس جاهل وفى المجلس عالم ، ولا يتصدره من رقّ دينه وفى أهل المجلس من كان ذا دين وتقوى .. وفى المأثور: «أنزلوا الناس منازلهم»

ويذكر المفسرون لهذه الآية سببا للنزول ، فيقولون : إن الرسول صلوات الله وسلامه عليه ، كان فى مجلس وحوله بعض أصحابه ، فجاء بعض وفود العرب إلى النبي ، فسلموا ؛ فرد النبي والمسلمون عليهم‌السلام ، ولم