ولكن يبقى بعد هذا ما يقال من أن اللغة لا تساعد على هذا المعنى ، إذ يقال عاد إلى كذا أي رجع إليه ، بعد أن فارقه ، ومنه قوله تعالى : (وَلَوْ رُدُّوا لَعادُوا لِما نُهُوا عَنْهُ) (٢٨ : الأنعام) وقد جاء فى سورة المجادلة نفسها قوله تعالى : (أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ نُهُوا عَنِ النَّجْوى ثُمَّ يَعُودُونَ لِما نُهُوا عَنْهُ) (٨ : المجادلة) .. فالعود إلى الشيء ، معناه الرجوع إليه ، لا الرجوع عنه.
ونقول ـ والله أعلم ـ إن العود هنا هو بمعناه اللغوي ، وهو الرجوع إلى الشيء .. والشيء المرجوع إليه هنا هو ما قالوه ، وهو قولهم : «أنت علىّ كظهر أمي» ورجوعهم إلى هذا القول ، هو رجوعهم إليه رجوعا متلبسا بنسائهم اللائي وقع عليهن هذا القول ، حيث لا يكون لهذا القول وجه يرى عليه إلّا مع من وقع عليهن الظهار من النساء ..
فالظهار ، المعروف فى الجاهلية كان يحرّم المرأة على الرجل ، ويقطع العلاقة الزوجية بينهما ، فإذا ظاهر الرجل من امرأته فلا سبيل إلى الرجوع إليها ..
وقد واجه الإسلام هذا الظهار ، ولم يعجل بالتعرض له ، حتى يقع ، فيلقاه بالحكم المناسب .. فلما وقع أول ظهار فى الإسلام ، وجاءت المرأة تعرض أمرها على النبي ، تنزلت هذه الآيات ، فى شأن الظهار ، وأنه لا يقطع العلاقة الزوجية قطعا باتّا ، وأن على من يريد أن يعيد الحياة إلى حالها الأولى ، أن يكفّر عن هذا القول المنكر ، بما بينه الله سبحانه وتعالى فى آياته البينات ..
فقوله تعالى : (ثُمَّ يَعُودُونَ لِما قالُوا) معناه ـ والله أعلم ـ ثم يعودون إلى الموضع الذي قالوا فيه هذا القول ، حيث يجدون نساءهم