فى الغابات .. إنها دعوة لا تحتملها إلا نفوس كبيرة تستطيع أن تجد هذه المعاني النبيلة مكانا فيها ..
وإذن فليس كل من آمن بالمسيح أهلا للوفاء برسالته ، وإلّا لكان أتباع المسيح الذين يعدون اليوم بمئات الملايين فى الشرق والغرب ـ لكانوا رسل سلام ، ودعاة مودة ورحمة ، ولاعتدل بهم ميزان الإنسانية المضطرب ، ولسكنت دواعى الشقاق والخصام ، ولخمدت نيران الحروب المشبوبة فى كل ركن من أركان الدنيا ، والتي هى فى حقيقتها من صنع هؤلاء الأتباع الذين ينسبون إلى المسيح ، والذين لا تكف أيديهم أبدا عن العدوان على الناس ، وعلى البغي والتسلط .. وحسبنا شاهدا على هذا هذا الاستعمار الغربي الذي تسلط على الناس ، واستبد بالشعوب فى كل صقع من أصقاع العالم .. فأتباع المسيح ، أو من ينتسبون بغير حق إليه ، هم الذين استعمروا الأمم ، وأذلّوا الشعوب ، وامتصّوا دماء الإنسانية ، فى الماضي وفى الحاضر ، وإن فى أمريكا لمثلا صارخا لأبشع صورة من صور الإنسانية ، حين ينزع الإنسان عنه كل مشاعر المودة والإخاء ، ويلبس جلد الأفعى ، فينفث سمومه فى كل من مرّ به ، لا لسبب إلا إرضاء لغريزة التسلط والبغي والعدوان .. ويشهد العالم فى هذه الأيام تلك الحرب الوحشية التي يشنها الأمريكان على شعب فيتنام الفقير الأعزل ، الذي يلقى بإيمانه القذائف المدمرة التي تهلك الحرث والنسل ..
ومن قبل هذا العدوان الآثم على شعب فيتنام ، قام الأمريكان بأبشع جريمة عرفت فى تاريخ البشرية ، حين ولد على أيديهم أشأم مولود فى الوجود ، هو القنبلة الذرية ، فألقوا بقنبلتين كل منهما كحجم بيض الحمام ، على مدينتين من مدن اليابان ، هما «هورشيما» و «نجازاكى» ..