منها حجر على حجر ، بل إن هذه الأحجار تتحول إلى ذرات تذروها الرياح كأنها العهن المنفوش.
فقوله تعالى : (وَبُسَّتِ الْجِبالُ بَسًّا) أي طحنت طحنا.
وقوله تعالى (فَكانَتْ هَباءً مُنْبَثًّا) أي صارت ذرات منتثرة فى الفضاء ، كالغبار المتطاير مع الرياح ..
هذا ، وقد قلنا فى أكثر من موضع إن هذا التبدل الذي يبدو من عوالم الوجود وكائناته ، إنما هو لتبدّل موقف الإنسان من هذه العوالم ، ولما تحدث من اختلاف بعيد بين معطيات جوارحه فى الدنيا ، ومعطياتها فى الآخرة ، حيث تنكشف له حقائق الموجودات .. إنّ الإنسان فى هذه الدنيا يرى من الأمور ظواهرها ، وظلالها ، ولكنه فى الآخرة يرى صميمها وحقيقتها ..
فرجّ الأرض رجّا ، هو ما تراه العين يوم القيامة ، من وضع الأرض ، حيث تبدو على حقيقتها ، كرة معلقة فى الفضاء ، تجرى فى سرعة عظيمة ، أشبه «بالبالونة» بين يدى الريح.
وبثّ الجبال بثّا ، حتى تكون كالهباء المنبث ، المنتشر ، هو ما تراه العين من الجبال. على مدى بعيد منها ، حيث تبدو الجبال ، وكأنها فى صغرها الهباء المبثوث.
وقوله تعالى : (وَكُنْتُمْ أَزْواجاً ثَلاثَةً) إشارة إلى ما يكون عليه الناس يومئذ ، وهو أنهم يتناثرون ، ويتفرقون فرقا ثلاثا ، كل فرقة تجتمع إلى بعضها أزواجا ، جن وإنس ، أو ذكر وأنثى.
قوله تعالى :
(فَأَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَأَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ وَالسَّابِقُونَ السَّابِقُونَ).