والجواب على هذا ـ والله أعلم ـ أن مجرد انشقاق السماء ، على أية حال ، ولأية غاية ، هو وحده دليل على قدرة الله ، وعلى تمكن سلطانه فى هذا الوجود ، وهذا ـ كما قلنا ـ نعمة من أجل النعم على المخلوقات ؛ إذ كانت قيومة الله على الوجود ضمانة وثيقة للمخلوقات جميعها ، بأنها فى يد صانعها ، ومدبر أمرها ، وأنها بهذا لن يجار عليها ، ولن تؤخذ بغير الحكمة والعدل ، ولن تتلقى غير الفضل والإحسان ..
هذا من جهة ، ومن جهة أخرى ، فإن انشقاق السماء إيذان بالبعث ، والحساب والجزاء .. وهذا أيضا نعمة من النعم الجليلة ، إذ أنها أعادت المخلوقات ـ من إنس وجن ـ إلى الحياة مرة أخرى ، بعد أن ردها الموت إلى حال من العدم أو ما يشبه العدم .. والوجود ـ كما قلنا أكثر من مرة ـ هو فى ذاته خير من العدم ، على أية صورة يكون عليها الموجود ، وفى أي وضع يأخذه فى سلّم الموجودات ..
(فَإِذَا انْشَقَّتِ السَّماءُ فَكانَتْ وَرْدَةً كَالدِّهانِ) ..
(فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ).
هذه هى الآلاء الجليلة ، التي يشير إليها انشقاق السماء .. لمجرد الانشقاق .. فإذا كان وراء هذا الانشقاق غاية ، كانت تلك الغاية آلاء أخرى جليلة مستغنية بذاتها ، فإذا اتصلت بانشقاق السماء ، كان ذلك آلاء إلى آلاء .. وذلك ما يشير إليه قوله تعالى :
(فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَلا جَانٌّ فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ) ..