تأتيهم ، بعد أن كذبوا بآيات الله المتلوّة عليهم ، والتي فيها الهدى لمن اهتدى ، وفيها النور لمن فتح عينيه النور .. وفى هذا يقول الله تعالى : (وَلَوْ نَزَّلْنا عَلَيْكَ كِتاباً فِي قِرْطاسٍ فَلَمَسُوهُ بِأَيْدِيهِمْ لَقالَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ مُبِينٌ) (٧ : الأنعام). ويقول سبحانه : (وَلَوْ فَتَحْنا عَلَيْهِمْ باباً مِنَ السَّماءِ فَظَلُّوا فِيهِ يَعْرُجُونَ* لَقالُوا إِنَّما سُكِّرَتْ أَبْصارُنا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَسْحُورُونَ) (١٥ : الحجر) .. فهذه آيات محسوسة ، لو طلعت عليهم ورأوها رأى العين ، لأعرضوا عنها ، وكذبوا بها ، وقالوا سحر مستمر.
قوله تعالى :
* (وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ).
الواو الحال ، والجملة بعدها حال من الفاعل فى قوله تعالى (وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا). أي أنهم يقفون هذا الموقف من آيات الله إذا تليت عليهم ، والحال أنهم قد كذبوا بها من قبل واتبعوا أهواءهم .. فهذا الذي هم فيه حالا أو مستقبلا مع آيات الله ، ليس جديدا عليهم ، بل هو داء يعيش معهم إلى أن يجىء أجلهم. وقوله تعالى : (وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ) .. تهديد ووعيد لهؤلاء المشركين ، وأن هذا الذي هم فيه من كفر وضلال ، له نهاية ينتهى إليها ، وقرار يستقر عنده .. وليس لما هم فيه من نهاية ، إلا العذاب الأليم فى نار جهنم ، وليس لأمرهم هذا من مستقر ، إلّا سواء الجحيم .. وهذا مثل قوله تعالى : (لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ) (٦٧ : الأنعام).
قوله تعالى :
* (وَلَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ).
أي أن هؤلاء المشركين ، قد كذبوا ، واتبعوا أهواءهم ، وقد جاءتهم النذر من بين أيديهم ومن خلفهم ، ولفتتهم آيات الله التي يتلوها الرسول عليهم ،