خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (٧) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ) (٨)
____________________________________
التفسير :
قوله تعالى :
(اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ).
هذا خبر ، عام ، مرسل من غير توكيد ، إشارة إلى أنه حقيقة مقررة ، لا تحتمل مكابرة ، ولا تقبل جدلا ..
وقوله تعالى : (اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ) هو مثل قوله تعالى : (أَزِفَتِ الْآزِفَةُ) وقوله سبحانه : (اقْتَرَبَ لِلنَّاسِ حِسابُهُمْ) (١ : الأنبياء).
أما قوله تعالى : (وَانْشَقَّ الْقَمَرُ) ـ فهو أمارة من أمارات هذا اليوم ، يوم القيامة .. الذي تتبدل فيه الأرض غير الأرض والسموات.
وفى عطف انشقاق القمر على اقتراب الساعة ـ إشارة إلى أن هذا الاقتراب قد أصبح لقربه كأنه واقع فعلا ، وأن انشقاق القمر هو أول بوادر الوقوع ، وكأن الواو هنا ، واو المعية أو المصاحبة .. ومعنى انشقاق القمر ظهوره فى ذلك اليوم على حقيقته فى أعين الناس .. فالناس يرونه فى هذه الدنيا صفحة بيضاء بلورية ، أشبه بالمرآة الصقيلة .. ولكنهم يوم القيامة يرونه جرما معتما ، شبيها بالأرض ، تختلف طبيعة سطحه بين سهول ، وأودية ، وأغوار ، ونجود ، وجبال .. هكذا القمر فى حقيقته .. كما يقرر ذلك العلم ، وكما أثبتته التجربة العملية ، حين صعد الإنسان إلى القمر فى هذا العام ـ عام ألف وثلاثمائة وتسع وثمانين من الهجرة ـ ومشى عليه كما يمشى على الأرض!! فلم يره إلا جرما معتما كالأرض تماما ، طبيعة ، وشكلا.