حرب على الظالمين والباغين ، الذين يسعون فى الأرض فسادا ، ويبغون فى الأرض بغير الحق ..
وسواء أكان البغي الذي يصيب المؤمن بغيا واقعا عليه هو فى ذات نفسه ، أو واقعا على الجماعة الإسلامية ، فإن المؤمن مطالب ـ ديانة ، إن لم يكن حمية وأنفة ـ أن يدفع هذا البغي ، ويرد ذلك العدوان .. فالبغى منكر غليظ ، والمؤمن حرب على المنكر ، أيّا كان ، وبأى سلاح يقدر عليه ، وفى الحديث الشريف : «من رأى منكم منكرا فليغيره بيده ، فإن لم يستطع فبلسانه ، فإن لم يستطع فبقلبه .. وذلك أضعف الإيمان» .. فأدنى منازل الحرب للظلم ، هو إنكاره بالقلب ، وازدراؤه وازدراء أهله .. وهذه منزلة لا يصير إليها المؤمن إلا إذا أعجزته القدرة عن الجهر باللسان ، والتشنيع على الظلم والظالمين ، كما أنه لا يقف المؤمن عند حدّ الحرب باللسان ، إلا إذا لم يملك القوة المادية التي يضرب بها فى وجه البغي والباغين ..
وفى قوله تعالى : (هُمْ يَنْتَصِرُونَ) .. وفى الإتيان بضمير الفصل «هم» ـ إشارة إلى أن من وقع عليهم البغي يجب أن يكونوا هم أول المتصدين له ، العاملين على دفعه ، لا ينتظرون حتى يتولى عنهم غيرهم الأخذ بحقهم ، والانتصاف لهم ممن ظلمهم ، وإن كان هذا لا يمنع المؤمنين جميعا أن يساندوهم ويشدوا ظهرهم .. وفى إسناد دفع الظلم ، ورد البغي ، إلى من وقع عليه ظلم وبغى ـ هو إعلان لإنكار هذا المنكر ، ممن وقع عليه ، وإلا كان سكوته عليه ، هو رضا به ، وتقبلا له ، الأمر الذي لا يقيم حجة لغيره أن ينتصر له ، ويقف فى المعركة معه ..
وفى التعبير عن التصدّى للعدوان ، ودفع البغي بقوله تعالى : (يَنْتَصِرُونَ)