قوله تعالى :
(أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ).
هو معطوف على قوله تعالى : (يُسْكِنِ الرِّيحَ) أي إن يشأ الله سبحانه يسكن الريح فلا تتحرك ، وتظل السفن رواكد على ظهر الماء ، أو إن يشأ (يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا).
ويوبقهن : أي يهلكهن ، والضمير يعود إلى الجواري وهى السفن .. وأصله من الإباق ، وهو الفرار والهروب ، يقال أبق العبد ، أي هرب ، وأفلت من سلطان صاحبه .. ومعنى هذا أن هذه السفن وهى تجرى على سطح الماء ، لا ممسك لها إلا الله سبحانه ، وأنه سبحانه لو شاء لأفلت زمامها من يد أصحابها ، بأن يرسل عليها ريحا عاصفة ، يضطرب لها البحر ، ويفور ، فتغرق ، أو لا يستطيع أحد أن يمسك زمامها ولا يدرى أحد أين وجهتها .. وفى هذا الهلاك لراكبيها ..
وفى قوله تعالى : (بِما كَسَبُوا) إشارة إلى أن ما يحدث لهذه الجواري من غرق ، أوتيه ، إنما هو بما كسب أصحابها من سيئات ، كما يقول سبحانه فى آية سابقة : (وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ). (٣٠)
وقوله تعالى : (وَيَعْفُ عَنْ كَثِيرٍ) ـ معطوف على قوله تعالى (أَوْ يُوبِقْهُنَّ بِما كَسَبُوا) أي وإن يشأ الله يعف عن كثير من سيئات المسيئين ، فلا يعجل لهم الجزاء فى الدنيا ، فتمضى سفنهم فى ريح رخاء حتى تبلغ مأمنها .. ثم يكون الحساب والجزاء فى يوم الحساب والجزاء ..
ويجوز أن يكون المعنى : ويعفو عن كثير من ذنوب هؤلاء المذنبين