بهذه الآية الكريمة تختم سورة «الفتح».
وبهذا الفتح الذي وعد الله المؤمنين تقوم دولة المسلمين ، ويأخذ مجتمعهم مكانه فى الحياة ، ويرى الناس وجه الإسلام فى هذا المجتمع.
والصفة التي تغلب على هذا المجتمع ، ويعرف بها فى الناس ، أنه مجتمع شديد الغلظة على الكفار ، الذين يحادّون الله ورسوله ، فلا يكون بينه وبين الكافرين ولاء أو مودة يجار فيها على دين الله ، أو ينتقص بها حق من حقوق المسلمين.
هذا حالهم مع أعداء الله .. أما هم فيما بينهم فهم رحماء ، تفيض قلوبهم حفانا ورحمة ومودة ، تجمعهم أخوة بارّة فى الله ، وفى دين الله ..
هذا ما تنطوى عليه صدورهم ، وتفيض به مشاعرهم ، نحو أعداء الله ، وأوليائه ..
أما ما يراه الناس من ظاهر أمرهم ، فهو اجتماعهم فى الصلاة ، وتولية وجوههم جميعا لله .. يركعون معا ، ويسجدون معا .. يريدون بذلك مرضاة الله ، ويبتغون فضله وإحسانه ..
فإذا لم يرهم الرائي فى مقام الصلاة ، رأى منهم أثر هذه الصلاة ، وما يترك السجود على جباههم من آثار ، هى سمة المسلم المصلّى ، وهى الشارة التي تشير إليه ، وإلى الدين الذي يدين به ..
وهذا يعنى أن الصلاة هى شعار المسلم ، وأن من لا يؤديها لا نظهر عليه سمة الإسلام ، ومن هنا كانت الصلاة الركن الأول الذي يقوم عليه الإسلام بعد الإيمان بالله .. وفى الحديث : «بين الرجل وبين الكفر ترك الصلاة» .. وفى الحديث أيضا : «العهد بيننا وبينكم الصلاة فمن تركها فقد كفر» .. يريد تركها عامدا منكرا.