يجمع المفسرون على أن ما تشير إليه الآية من كفّ أيدى المشركين عن المؤمنين ، وكف أيدى المؤمنين عن المشركين ـ إنما هو عن صلح الحديبية ..
ولكن قوله تعالى : (بِبَطْنِ مَكَّةَ) يردّ هذا القول .. فالمؤمنون لم يدخلوا مكة عام الحديبية ، بل ولم يظفروا بالمشركين الظفر الذي يمكّن لهم منهم ..
والذي نراه ـ والله أعلم ـ أن هذا إنما كان يوم الفتح ، حيث دخل النبي ـ صلىاللهعليهوسلم ـ مكة ، على رأس جيش من عشرة آلاف مقاتل ، وأن قريشا قد فزعت لهذا ، واستسلمت من غير قتال ، طالبة الأمان من رسول الله ، بعد أن مكن الله له من رقابهم ، فقال لهم صلوات الله وسلامه عليه قولته الخالدة : «ما تظنون أنى فاعل بكم»؟ ـ إنهم الآن بين يديه ، وفى متناول سيوف المسلمين ، وإن النبي قد ملكهم ملكا مطلقا ، يتصرف فيهم كيف يشاء ..
ولم يجد القوم جوابا يجيبون به على هذا التحدّى ، الذي يستئير الحمية ، ولكن لم يكن للقوم بعد مارأوا من جيش المسلمين ـ لم يكن عندهم بقية من حمية تستثار ، فكان جوابهم للنبى ، هذا الجواب الذليل المستسلم :
«أخ كريم! وابن أخ كريم!!» ..
ألا لقد ذلّت جباه المتكبرين ، ورغمت أنوف المتعالين!!
وقد كان رد النبىّ الكريم ، سمحا كريما ، كما هو شأنه فى جميع أحواله .. فقال صلوات الله وسلامه عليه : «أذهبوا فأنتم الطلقاء»!!
لقد أطلقهم بتلك الكلمة الطيبة الكريمة من الأسر ، وحفظ عليهم دماءهم التي كانت مهدرة!
ولا يعترض على هذا الرأى الذي ذهبنا إليه ، بأن الآية تحدّث عن أمر