ولو أن هؤلاء المشركين ـ وهم فى عددهم ، وشوكتهم ، وفى بلدهم وبين أهليهم ـ لو أن هؤلاء المشركين ، قاتلوكم يوم الحديبية ، لنصركم الله عليهم ، ولولّوا الأدبار منهزمين ، ثم لا يكون لهم ولىّ يقوم لهم ، ولا ناصر يفزع لنصرهم ..
وهذا حكم مطلق على ما سيكون بين المسلمين والمشركين ، منذ نزول هذه الآية .. فإن أي لقاء سيلتقى فيه المسلمون بالمشركين ، لن يكون للمشركين فيه إلا الهزيمة ، التي لا يقيلهم منها ولىّ ولا نصير ..
وقد تحقق هذا ، فلم يكن بين المسلمين والمشركين بعد الحديبية حرب ، وإنما كان من المشركين استسلام ، وإسلام ، فى يوم الفتح ..
قوله تعالى :
(سُنَّةَ اللهِ الَّتِي قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلُ وَلَنْ تَجِدَ لِسُنَّةِ اللهِ تَبْدِيلاً) ..
«سنة» منصوب بفعل محذوف ، وتقديره ، لقد سنّ الله سبحانه وتعالى بهؤلاء المشركين سنة الله التي قد خلت من قبل ، وهى سنة الله فيما بين أولياء الله وأولياء الشيطان ، بين أهل الحق ، وأهل الباطل .. وسنة الله : هى حكمه ، وقضاؤه ..
وحكم الله وقضاؤه ، هو نصرة الحق وخذلان الباطل ، كما يقول سبحانه :
(بَلْ نَقْذِفُ بِالْحَقِّ عَلَى الْباطِلِ فَيَدْمَغُهُ ، فَإِذا هُوَ زاهِقٌ) ـ ويقول تعالى : (كَتَبَ اللهُ لَأَغْلِبَنَّ أَنَا وَرُسُلِي .. إِنَّ اللهَ قَوِيٌّ عَزِيزٌ ..) (٢١ : المجادلة)
قوله تعالى :
(وَهُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَأَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ بِبَطْنِ مَكَّةَ مِنْ بَعْدِ أَنْ أَظْفَرَكُمْ عَلَيْهِمْ وَكانَ اللهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيراً) ..