قوله تعالى :
(وَعَدَكُمُ اللهُ مَغانِمَ كَثِيرَةً تَأْخُذُونَها فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) ..
هذا وعد من الله سبحانه وتعالى للمؤمنين وهم على طريق الجهاد ، بأنه سبحانه ، سيمكّن لهم من مغانم كثيرة يأخذونها ، وأن هذا الذي أخذوه فى «خيبر» ليس إلا ثمرة معجّلة من ثمار جهادهم ، وإلا باكورة من بواكير هذا الثمر ..
وقوله تعالى : (وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) .. المراد بالناس هنا هم من واجههم النبىّ والمسلمون فى مسيرته تلك ، وهم أهل مكة ، وأهل خيبر ، فهؤلاء ، وهؤلاء ، لم يدخلوا مع المسلمين فى حرب ، بل عافاهم الله من هذا البلاء ، وأعطاهم ثمرته ، فسلّمت لهم قريش بحق دخولهم مكة ، والطواف بالبيت الحرام ، واستسلم لهم يهود خيبر ، وسلّموا لهم ما بين أيديهم من أموال ، وزروع ..
وقوله تعالى : (وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) معطوف على محذوف ، يفهم من قوله تعالى : (فَعَجَّلَ لَكُمْ هذِهِ وَكَفَّ أَيْدِيَ النَّاسِ عَنْكُمْ) أي لتكون هذه الغنائم جزاء طيبا لكم ، وليكون منها آية للمؤمنين ، يرون فيها أن الله سبحانه وتعالى غنىّ عن الجهاد ، وأنه سبحانه قادر على أن يفتح لهم البلاد ويخضع لهم العباد من غير قتال .. ولكنّ هذا يحرم المجاهدين فضل الجهاد ، ولا يجعلهم فى مكان هم أولى به من غيرهم ، من رضوان الله ، ومن الغنائم التي ينالها المجاهدون ..
وقوله تعالى : (وَيَهْدِيَكُمْ صِراطاً مُسْتَقِيماً) معطوف على قوله تعالى : (وَلِتَكُونَ آيَةً لِلْمُؤْمِنِينَ) أي وليكون لكم من هذه الآية ، من هذه الآية ، ما يملأ قلوبكم