الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ أَمْواتاً بَلْ أَحْياءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) (١٦٩ : آل عمران) قوله تعالى :
(سَيَهْدِيهِمْ وَيُصْلِحُ بالَهُمْ ، وَيُدْخِلُهُمُ الْجَنَّةَ عَرَّفَها لَهُمْ) ـ هو بيان لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ) .. أي أن الله سبحانه وتعالى سيهدى الذين قتلوا فى سبيل الله ، ويقيم بين أيديهم من أعمالهم الدليل الذي يأخذ بهم إلى الجنة التي أعدها الله لهم ، وعرّفهم الطريق إليها .. وهذا مثل قوله تعالى : (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ) (٩ : يونس).
فأعمل الشهداء ، مستنيرة مبصرة ، تعرف طريقها إلى مقام الرضا والقبول ، وأصحاب هذه الأعمال ، وهم الشهداء ، يتبعون أعمالهم تلك ، ويأخذون طريقهم على هديها ، حيث تنتظرهم عند الله فى جنات النعيم التي أعدها سبحانه لأصحاب هذه الأعمال الطيبة كما يقول سبحانه : (يَوْمَ تَرَى الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ يَسْعى نُورُهُمْ بَيْنَ أَيْدِيهِمْ وَبِأَيْمانِهِمْ) (١٢ : الحديد) فالذى يسعى بين أيديهم هو هذا النور المشع مما فى أيمانهم ، وهو سجل أعمالهم ، التي صارت كتبا تناولوها بأيديهم اليمنى.
قوله تعالى :
(يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدامَكُمْ).
هو التفات من الله سبحانه وتعالى إلى المؤمنين ، ودعوة منه جل شأنه إلى أن يكونوا جميعا فى هذه المنزلة التي أعدها للمجاهدين فى سبيله ..
فالمؤمنون الذين يقاتلون فى سبيل الله إنما ينصرون الله .. فهم جند الله ، الذين يحاربون من حارب الله ..
ونصر المؤمنين لله ، إنما هو بنصر دينه ، وإقامة شريعته ، ودفع الضلال والشرك والإثم ، وكل ما يعترض سبيل الله ، ويخالف ما أمر به ..