وعلى هذا ، فإن من بلغته الرسالة الإسلامية ، من المؤمنين ، من أهل الكتاب ، أو الفلاسفة والحكماء ، ثم لم يؤمن بهذه الرسالة ، فهو ليس مؤمنا وليس على طريق المؤمنين ..
وقوله تعالى : (وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) .. إشارة إلى أن المؤمنين الذين آمنوا بالله ، إنما يؤمنون ـ إذ يؤمنون بما أنزل على محمد ـ بالحقّ المنزل من ربهم .. فمن أنكر هذا الحق المنزل من عند الله ، فليعلم أن ما عنده من إيمان ليس من الحقّ ، إذ لو كان حقا لا لتقى مع هذا الحقّ ، فالحقّ ، لا يصادم الحق ، ولا تختلف طريقه معه ..
وقوله تعالى : (كَفَّرَ عَنْهُمْ سَيِّئاتِهِمْ وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) .. هو خبر لقوله تعالى : (وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَآمَنُوا بِما نُزِّلَ عَلى مُحَمَّدٍ وَهُوَ الْحَقُّ مِنْ رَبِّهِمْ) أي أن الذين آمنوا هذا الإيمان ، وعملوا الصالحات ، كفّر الله عنهم ما كان منهم من سيئات ، قبل أن يؤمنوا بالرسالة المحمدية ، فهو إيمان مجدّد لإيمانهم ، ومصحح له ، إذ كان هو الدّين كله ، وبه تمّ الدين الذي جمع كلّ ما جاء به الرسل ، كما يقول الله تعالى : (إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللهِ الْإِسْلامُ) (١٩ : آل عمران) وكما يقول الله جل شأنه : (شَرَعَ لَكُمْ مِنَ الدِّينِ ما وَصَّى بِهِ نُوحاً وَالَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ وَما وَصَّيْنا بِهِ إِبْراهِيمَ وَمُوسى وَعِيسى أَنْ أَقِيمُوا الدِّينَ وَلا تَتَفَرَّقُوا فِيهِ) (١٣ : الشورى) وكما يقول جل شأنه : (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ) (٨٥ : آل عمران).
وفى قوله تعالى : (وَأَصْلَحَ بالَهُمْ) ـ إشارة إلى ما يثمره الإيمان بدين الإسلام ، إذ يجمع قلوب المؤمنين به ، ويقيم مشاعرهم على أمر واحد ، فلا يكون منهم التفات إلى هذا الدين أو ذاك ، إذ أن الإيمان بالإسلام إيمان بجميع رسالات السماء ،