قوله تعالى :
(وَقِيلَ الْيَوْمَ نَنْساكُمْ كَما نَسِيتُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا وَمَأْواكُمُ النَّارُ وَما لَكُمْ مِنْ ناصِرِينَ) ..
أي ومما يقال للكافرين فى هذا اليوم ، هذا القول الذي يملأ قلوبهم حسرة ويأسا .. إنهم سيتركون فى هذا الهول ، كما يترك الشيء المنسيّ ، وذلك لأنهم أهملوا النظر فى يومهم هذا ، ولم يذكروا أبدا أنهم على وعد معه .. وإن النار لهى مأواهم ، ومنزلهم الذي ينزلونه فى هذا اليوم ، وإنه لا ناصر لهم يخرجهم من هذا البلاء النازل بهم ..
قوله تعالى :
(ذلِكُمْ بِأَنَّكُمُ اتَّخَذْتُمْ آياتِ اللهِ هُزُواً وَغَرَّتْكُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ).
الإشارة إلى هذا العذاب الذي يعذّب به الكافرون ، وأنه إنما كان بسبب اتخاذهم آيات الله هزوا ، حيث كانوا ، إذا تليت عليهم آيات الله أعرضوا عنها ، واستخفوا بها ، وأطلقوا ألسنتهم بالهذر من القول فيها .. إنهم يفعلون هذا وملء كيانهم كبر وغرور بالحياة الدنيا ، وما يتقلبون فيه منها من متاع ..
وفى قوله تعالى : (فَالْيَوْمَ لا يُخْرَجُونَ مِنْها وَلا هُمْ يُسْتَعْتَبُونَ) وفى الانتقال من الخطاب إلى الغيبة ـ إشارة إلى تنوع مواقع المساءات التي تأتيهم من كل جهة .. فتارة يواجهون بما يسيئهم ، وتارة تجيئهم المساءات من حيث لا يشعرون .. فهم إذ يواجهون بهذا التقريع لما كان منهم من الهزؤ بآيات الله ، والغرور بدنياهم ـ يجيئهم صوت من بعيد بهذه الصاعقة التي تنصب على رءوسهم :