وقوله تعالى : (فَمَا اخْتَلَفُوا إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْعِلْمُ بَغْياً بَيْنَهُمْ) ـ أي أن هذه الآيات البينات ، وهذا العلم الذي تحمله تلك الآيات البينات ، قد كان سببا فى اختلافهم ، فآمن فريق منهم ، وكفر فريق ، وشكّ فريق ، وقد كانوا من قبل هذا العلم على طريق واحد ، هو طريق الغواية والضلال ..
وفى قوله تعالى : (بَغْياً بَيْنَهُمْ) ـ إشارة إلى أن هذا الاختلاف والتفرق الذي حدث بينهم حين جاءهم العلم ، إنما هو عن بغى وعدوان منهم ، وإلا فقد كان من شأن هذا العلم أن يجمعهم على الهدى ، وأن يقيمهم على طريق الحق ، لو سلمت نفوسهم من داء البغي والعدوان.
وقوله تعالى : (إِنَّ رَبَّكَ يَقْضِي بَيْنَهُمْ يَوْمَ الْقِيامَةِ فِيما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ) أي أن هذا الخلاف الذي وقع بينهم لن يذهب من غير حساب وجزاء ، بل إن الله سبحانه وتعالى سيحكم بينهم يوم القيامة فيما اختلفوا فيه ، فيجزى أهل الضلال بضلالهم ، وأهل الإحسان بإحسانهم.
قوله تعالى :
(ثُمَّ جَعَلْناكَ عَلى شَرِيعَةٍ مِنَ الْأَمْرِ فَاتَّبِعْها وَلا تَتَّبِعْ أَهْواءَ الَّذِينَ لا يَعْلَمُونَ) ..
هو معطوف على قوله تعالى : (وَآتَيْناهُمْ بَيِّناتٍ مِنَ الْأَمْرِ) .. أي ثم بعد أن آتينا بنى إسرائيل ما آتيناهم من بينات من دين الله وشريعته ، جعلناك أيها النبي على شريعة من الأمر ، فاتبعها ..
وفى العطف بثم ، إشارة إلى تراخى الزمن ، بين ما أنزل الله سبحانه