تحدث به القرآن عن فرعون وموسى ، وعن بنى إسرائيل وآيات الله إليهم .. فكان الجواب :
(إِنَّ هؤُلاءِ لَيَقُولُونَ إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) ـ هذا هو الداء المتمكن من القوم ، وهو إنكارهم للبعث ، والحساب والجزاء ، وذلك لاستبعادهم أن تعود الحياة مرة أخرى إلى الموتى ، بعد أن يصيروا عظاما ورفاتا .. إنهم على يقين من أنهم لم يبعثوا ، وإنهم ليقولون لمن يحدثهم عن البعث : (إِنْ هِيَ إِلَّا مَوْتَتُنَا الْأُولى وَما نَحْنُ بِمُنْشَرِينَ) .. أي ما هى إلا موتة واحدة ، لا حياة بعدها .. وهم بهذا يردّون على تصور خاطئ للبعث ـ ففى تصورهم هذا ، أن البعث بعقبه موت .. لأنه حياة بعد موت ، وهذه الحياة ـ فى تصورهم ـ سيعقبها موت .. ثم حياة .. ثم موت ، وهكذا .. ولهذا جزموا بأنه لا موت بعد أن يموتوا ، بمعنى أنه لا بعث ، ولا موت بعد البعث. إن كان هناك بعث!!
وفى التعبير عن الحياة بعد الموت بالنشر ، تشبيه للموت بأنه طىّ لحياة الإنسان ، كما تطوى الصحف على ما ضمّت عليه من كلمات .. فإذا أريد النظر فى هذه الكلمات مرة أخرى ، نشرت هذه الصحف ، بعد طيّها ..
فالموت ليس إلا طيّا لصفحة الحياة ، مع بقاء الحياة كامنة فى هذه الصحف المطوية ، ونشر الصحف بعد طيّها أمر هين ، لا يحتاج إلى عناء ومعالجة ، كما أنه لا يدعو إلى استبعاده وإنكاره!!.