وحساب ، حسب علمه وحكمته .. وهذا الماء المنزل من السماء ، هو الذي يبعث الحياة فى كل حى ، ويمسك الحياة على كل حى ..
وفى قوله تعالى : (فَأَنْشَرْنا بِهِ بَلْدَةً مَيْتاً) إشارة إلى أن هذه البلاد العامرة ، بما تزخر به من عوالم الحياة من نبات ، وحيوان ، وإنسان ـ هذه البلاد ، قد كانت مواتا ، لا أثر للحياة فيها ، شأنها فى هذا شأن المقابر .. فلما نزل هذا الماء بقدرة القادر وتقديره ، دبّت الحياة فى الأرض الموات ، وقامت المدن والقرى ، وهذا هو بعض السر فى قوله تعالى : (فَأَنْشَرْنا) الذي يشير إلى أن هذه البلاد العامرة نشرت من عالم الموات ، وأنها كانت مطوية فى التراب فنشرها الله ، وأخرج منها هذه الحياة الدافقة ..
وقوله تعالى : (كَذلِكَ تُخْرَجُونَ) ـ إشارة إلى أن بعث الموتى من القبور ، هو صورة من هذا النشور ، الذي نشرت به الحياة فى الأرض الموات ..
وفى وصف البلدة بأنها ميتة ، إشارة إلى أن هذا الموت يحوى فى كيانه حياة ، ولكنها حياة ميتة ، وستظل هكذا ميتة إلى أن يأذن الله لها بالحياة والنشور ، بما ينزل من السماء من ماء فتحيا به الأرض بعد موتها .. وفى إفراد البلدة ، وتنكيرها ـ إشارة إلى الوقوف بالنظر عند بلدة واحدة من تلك البلاد القائمة ، حتى تستخلص منها العبرة والعظة ، من غير أن يتشتت النظر ويتوزع فى كل بلد .. فإذا وقعت للإنسان العبرة والعظة فى البلد الواحد ، كانت كل بلدة بعد هذا ، هى هذا البلد .. فهى أولا بلدة ، ثم هى بعد ذلك بلاد كثيرة ، تشمل ما وقع عليه النظر وما لم يقع!.
قوله تعالى :
(وَالَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها وَجَعَلَ لَكُمْ مِنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعامِ