إعدادات

في هذا القسم، يمكنك تغيير طريقة عرض الكتاب
بسم الله الرحمن الرحيم

التّفسير القرآني للقرآن [ ج ١٢ ]

59/414
*

* (يُطافُ عَلَيْهِمْ بِكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ* بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ* لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) .. أي ومما يطرف به أصحاب الجنة ، أنّه يطوف عليهم السّقاة بكئوس صافية الأديم ، كأنها الماء يتفجر من «معين» أي من عيون .. والطائفون ، هم غلمان مخلدون ، كما يقول سبحانه : (يَطُوفُ عَلَيْهِمْ وِلْدانٌ مُخَلَّدُونَ* بِأَكْوابٍ وَأَبارِيقَ وَكَأْسٍ مِنْ مَعِينٍ) (١٦ ـ ١٧ الواقعة) ..

ـ وقوله تعالى : (بَيْضاءَ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ) وصفان للكأس ، فهى بيضاء صافية ، وهى ببياضها وصفائها ، تلذّ الناظر إليها ، وتملأ عينه بهجة وحبورا.

وقوله تعالى : (لا فِيها غَوْلٌ وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) أي ليس فى الشراب الذي تحمله هذه الكأس ، مما يغتال العقول ، ويذهب بصوابها ، كما تفعل الخمر برأس شاربها .. (وَلا هُمْ عَنْها يُنْزَفُونَ) أي لا يصدّون عنها ، ولا يزهدون فيها ، لأنها لا تستنزف لذتهم منها ، بل تظلّ هكذا لذة دائمة موصولة .. وقد جاء فى قوله تعالى : (لا يُصَدَّعُونَ عَنْها وَلا يُنْزِفُونَ) (١٩ : الواقعة) جاء بكسر الزاى ، بنسبة الفعل إليهم ، على حين جاء فى الآية السابقة بفتح الزاى «ينزفون» بنسبة الفعل المسلّط عليهم إلى غيرهم .. وذلك ليجمع بين صفتهم ، وصفة الخمر التي يشربونها .. فهى من شأنها أن تمسك شاربها عليها ، لطيبها وحسنها ، ولذتها .. وهم ـ بما أودع الله فيهم من قوّى ـ يتقبلون هذا النعيم ، فلا يزهدون فيه أبدا ..

قوله تعالى :

* (وَعِنْدَهُمْ قاصِراتُ الطَّرْفِ عِينٌ* كَأَنَّهُنَّ بَيْضٌ مَكْنُونٌ).

أي وعند أصحاب الجنة ، وبين أيديهم ، فتيات (قاصِراتُ الطَّرْفِ) .. والطرف ، هى العين ، وقصر الطرف ، كسره ، حياء وخفرا .. وهذا كناية