وقوله تعالى : (وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ) جملة حالية ، تكشف عن هذا القرآن الذي يكفر به الكافرون ، ويلحدون فى آياته .. أي أنهم يكفرون بهذا القرآن مع أنه كتاب عزيز ، أي منيع : (لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ) وكيف يلم به الباطل من أية جهة ، وهو (تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ)؟ فالحكيم لا يدخل على عمل من أعماله دخل أو فساد ، فكيف بأحكم الحاكمين رب العالمين؟ والحميد المستحق لأن يحمد ويمجد ، لا يكون حمده وتمجيده إلا لما هو قائم على الحكمة والسداد .. فكيف بمن هو المحمود وحده ، حمدا مطلقا فى السراء والضراء؟
قوله تعالى :
* (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ .. إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ)
أي أنك أيها النبي لست بدعا من الرسل ، وإنما أنت رسول الله إلى عباد الله ، تحمل دعوة الحق إليهم ، أن يؤمنوا بالله وحده ، وألا يشركوا به شيئا .. فهذا هو مجمل رسالة رسل الله جميعا ، وهو مجمل رسالتك ، وعنوانها ، وصميمها .. فالقول هنا بمعنى الوحى : أي ما يوحى إليك إلا ما أوحى إلى الرسل من قبلك ، كما يقول الله سبحانه : (إِنَّا أَوْحَيْنا إِلَيْكَ كَما أَوْحَيْنا إِلى نُوحٍ وَالنَّبِيِّينَ مِنْ بَعْدِهِ وَأَوْحَيْنا إِلى إِبْراهِيمَ وَإِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ وَيَعْقُوبَ وَالْأَسْباطِ وَعِيسى وَأَيُّوبَ وَيُونُسَ وَهارُونَ وَسُلَيْمانَ وَآتَيْنا داوُدَ زَبُوراً* وَرُسُلاً قَدْ قَصَصْناهُمْ عَلَيْكَ مِنْ قَبْلُ وَرُسُلاً لَمْ نَقْصُصْهُمْ عَلَيْكَ وَكَلَّمَ اللهُ مُوسى تَكْلِيماً) (١٦٣ ـ ١٦٤ : النساء)
ويجوز أن يكون معنى قوله تعالى : (ما يُقالُ لَكَ إِلَّا ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ) أي ما يقال ذلك من هؤلاء المشركين من قومك ، من تكذيب لك