ـ وفى قوله تعالى : (إِنَّا نَعْلَمُ ما يُسِرُّونَ وَما يُعْلِنُونَ) .. تهديد للمشركين ، ووعيد لهم بالحساب الشديد ، والعذاب الأليم ، فالله سبحانه يعلم ما يسرون وما يعلنون ، من كفر ، وضلال ، وبهتان ، وهو سبحانه محاسبهم ومجازيهم عليه ..
قوله تعالى :
* (أَوَلَمْ يَرَ الْإِنْسانُ أَنَّا خَلَقْناهُ مِنْ نُطْفَةٍ فَإِذا هُوَ خَصِيمٌ مُبِينٌ).
هو مراجعة لهؤلاء المشركين ، وتنبيه لهم من هذه الغفلة المستولية عليهم .. وفى هذا الاستفهام التقريرى الموجه إلى الإنسان على إطلاقه ـ دعوة إلى كل إنسان أن ينظر فى نفسه ، وأن يمد بصره ، إلى نقطة الابتداء فى حياته ، ثم ليسير مع نقطة الابتداء هذه فى الطريق الذي سلكه ، حتى صار هذا الإنسان ، الذي يجادل ، ويخاصم ، ويقف من الله موقف المحادّ المحارب!.
ألم يكن هذا الإنسان نطفة؟ .. إنه لو نظر الإنسان فيها لأنكر نفسه ، وما وقع فى تصوره أنه كان جرثومة من آلاف الجراثيم السابحة فى هذه النطفة .. وأين تلك النطفة أو هذه الجرثومة العالقة بالنطفة ـ أين هى من هذا الإنسان ، الذي أبدعته يد القدرة هذا الإبداع العظيم الحكيم؟
ألا ما أضأل شأن الإنسان ، وما أعظمه! ما أضأله نطفة ، وما أعظمه رجلا ..
ما أضأله ضالا ضائعا ، كضلال هذه النطفة وضياعها ..
وما أعظمه إنسانا رشيدا ، عاقلا مؤمنا ، فى ثوب الإنسانية الرشيدة العاقلة المؤمنة!.
قوله تعالى :
* (وَضَرَبَ لَنا مَثَلاً وَنَسِيَ خَلْقَهُ قالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظامَ وَهِيَ رَمِيمٌ).