إنها صنعة الله ، وفى ملكه .. ولكنه ـ سبحانه ـ قد ملّكهم الله إياها ، وأقدرهم على تسخيرها ، والانتفاع بها ..
(وَذَلَّلْناها لَهُمْ فَمِنْها رَكُوبُهُمْ وَمِنْها يَأْكُلُونَ) أي أنه لو لا أن ذللها الله لهم ، وجعلها فى خدمتهم ، لما قدروا عليها ، ولما أمسكوا بها .. إذ كانت أقوى قوّة منهم .. ولو شاء الله لجعلها فى طبائع الحيوانات المفترسة ، التي لا تألف الناس ، ولا يألفها الناس .. فلا يكون لهم منها نفع أبدا ..
(وَلَهُمْ فِيها مَنافِعُ وَمَشارِبُ أَفَلا يَشْكُرُونَ) ـ أي أن فى هذه الأنعام منافع كثيرة لهم .. يركبونها ، ويحملون عليها أمتعتهم ، ويأكلون لحومها ، ويشربون ألبانها ، ويتخذون من أصوافها وأوبارها وأشعارها وجلودها أثاثا ومتاعا .. أفلا يشكرون الله على ذلك؟
قوله تعالى :
* (وَاتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللهِ آلِهَةً لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ).
هو عطف حدث على حدث .. وبين الحدثين تغاير كبير ، وتفاوت بعيد ، والشأن بين المتعاطفين أن يتقاربا ، ويتجاوبا .. ولكن فى هذا العطف فضح لضلال المشركين ، وانحرافهم هذا الانحراف الحادّ ، عن الطريق السوىّ .. حيث يقابلون الإحسان بالكفران.
فالله سبحانه وتعالى يفضل عليهم بهذه النعم ، خلقا ، وتسخيرا ، وتذليلا .. وهم يكفرون به ، ويحادّونه ، ويتخذون من دونه آلهة .. فما أبعد ما بين الإحسان والكفران!.
وقوله تعالى : (لَعَلَّهُمْ يُنْصَرُونَ) بيان للغاية التي يقصد إليها المشركون من اتخاذ هذه الآلهة من دون الله .. إنهم يرجون من وراء ذلك الاستعانة