تصريفه ، ويكون لهم ما شاءوا من منح ومنع ، وإحسان وحرمان؟ إن لم يكن لهم ذلك ، أو شىء منه ، فليقفوا عند حدّهم ، وليأخذوا بالأسباب التي فى أيديهم .. تلك الأسباب ، التي لو أحسنوا استخدامها لامتلأت أيديهم من فضل الله وإحسانه .. فما لهم إذن يتطلعون إلى السماء وأسبابها ، ويعترضون على أحكامها ومقدّراتها ، وبين أيديهم الأسباب القريبة التي ينالون بها الخير من قريب؟ .. وما بالهم لا يتخذون طريقهم إلى كتاب الله ، وينظرون بعقولهم فى آياته وكلماته؟. إنهم لو فعلوا لأصابوا كلّ خير ، ولظفروا بالسعادة فى الدنيا والآخرة .. ولكنهم فى ضلال يعمهون .. إنهم ينظرون إلى مقادير السماء ، ولن يصلوا ، وإنهم يعمون عما فى أيديهم فلم ينالوا شيئا .. وذلك هو الخسران المبين ..
ويجوز أن يكون هذا تعجيزا لهم ، وتحديا لهذا المدّعى الذي يدّعونه فيما تنطق به حالهم من تكبر واستعلاء ، واعتراض على ما لله سبحانه وتعالى من تصريف فى ملكه ، فيعطى ويحرم ، ويغنى ويفقر .. فإن كان لهم مع سلطان الله سلطان ، فليمدّوا أسبابهم إلى السماء ، وليرتقوا إلى السماء ، وليقوموا على سلطانها .. وهذا ما يشير إليه قوله تعالى : (قُلْ لَوْ كانَ مَعَهُ آلِهَةٌ كَما يَقُولُونَ إِذاً لَابْتَغَوْا إِلى ذِي الْعَرْشِ سَبِيلاً) (٤٢ : الإسراء).
قوله تعالى :
* (جُنْدٌ ما هُنالِكَ مَهْزُومٌ مِنَ الْأَحْزابِ).
أي هم جند .. مبتدأ وخبر .. وقد أضرب عن ذكرهم ، إهانة لهم ، واستخفافا بهم .. وأنهم مغلوبون مهزومون فى الأرض بجند من جند الله ، فكيف يكون لهم سلطان وغلب فى السماء؟