الممسك بها ، والذي يقيمها على طريق مستقيم ، كما يقيم العقل السليم صاحبه على طريق مستقيم ..
قوله تعالى :
* (وَآيَةٌ لَهُمْ أَنَّا حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).
أي ومن آياتنا التي نعرضها على هؤلاء المشركين ، والتي تحمل إليهم الدلائل على قدرتنا ، وإحساننا ـ أننا (حَمَلْنا ذُرِّيَّتَهُمْ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ).
والفلك. يطلق على الواحد والجمع من السفن ، قال تعالى : (فَأَوْحَيْنا إِلَيْهِ أَنِ اصْنَعِ الْفُلْكَ بِأَعْيُنِنا وَوَحْيِنا). فهى هنا سفينة واحدة ، وقال تعالى : (حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَجَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ.) وهى هنا جمع .. والمراد بها فى الآية الجمع كذلك ، لأنه وصف بمذكر ، وهو قوله تعالى : (الْمَشْحُونِ) ، وعاد عليها الضمير كذلك مذكرا فى قوله تعالى: (وَخَلَقْنا لَهُمْ مِنْ مِثْلِهِ ما يَرْكَبُونَ) .. فعومل بهذا معاملة الجنس .. والمشحون : الممتلئ ..
والمراد بالذرية : الأبناء ، وهى ، تجمع على ذرارى ، وذريات ، وأصلها من الذرء ، وهو إظهار الشيء ، يقال ذرأ الله الخلق ، أي أوجد أشخاصهم ، والذرأة بياض الشعر .. وفى الإشارة إلى حمل ذرياتهم دون حمل آبائهم إلفات إلى ما تحمل الفلك لهم من فلذات أكباد ، ونفائس أموال وأمتعة ، فتحفظها ، وتصل بها إلى غايتها .. وفى هذا ما يريهم فضل الله عليهم ، وإحسانه بهم ، فقد لا يرى الإنسان فضل النعمة ، ولا يقدرها قدرها إذا هى لبسته هو ، فإذا رآها فى غيره عرف لها قدرها ، وذكر فضلها ..