«كم» هنا خبرية ، تفيد التكثير .. أي ما أكثر ما أهلكنا قبل هؤلاء الكافرين الذي لبسوا هذه العزة الزائفة ـ ما أكثر ما أهلكنا قبلهم من أمم ظالمة ، كانت أكثر منهم قوة ، وأعز سلطانا ، فلما جاءهم بأسنا نادوا مستغيثين ، فلم يغاثوا ، إذ كان قد فات أوان الغوث: (وَلاتَ حِينَ مَناصٍ).
و«لات» أداة تفيد النفي ، بمعنى «لا» والتاء زائدة ، لتأكيد النفي وتقويته ..
و«المناص» المفرّ ، والملجأ .. ومنه الناصية ، وهى الرأس من كل شىء. وناصية الجبل أعلاه الذي يعتصم به.
قوله تعالى :
* (وَعَجِبُوا أَنْ جاءَهُمْ مُنْذِرٌ مِنْهُمْ وَقالَ الْكافِرُونَ هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ).
أي أن هؤلاء المشركين ، قد عجبوا أن جاءهم رسول بشر منهم ، وقال الكافرون عن هذا الرسول ، (هذا ساحِرٌ كَذَّابٌ) فرموه بالسحر ، واتهموه بالكذب!
وفى قوله تعالى : (وَعَجِبُوا) إسناد للعجب إليهم جميعا .. فهذا العجب هو الذي استقبل به المشركون بعثة الرسول فيهم .. ثم كانوا فريقين : فريقا لم يتلبث كثيرا فى عجبه من هذا الرسول البشر .. فما هى إلا وقفة ـ طالت أو قصرت ـ ثم رجع إلى عقله ، وثاب إلى رشده فآمن بالله .. وفريقا ظل على عجبه هذا ، فتولد منه الإنكار والكفر ، وعلى حين قال المؤمنون : آمنا بالله ، ورسول الله ، قال الكافرون : هذا ساحر كذاب ..
قوله تعالى :
* (أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلهاً واحِداً؟ إِنَّ هذا لَشَيْءٌ عُجابٌ) ..
هو من مقولة المشركين ، الذين قالوا هذا القول المنكر فى النبي : (ساحِرٌ كَذَّابٌ) ..