وعلى القول الأول يكون جواب القسم محذوفا ، ويكون المعنى : وحقّ الله ، وحقّ القرآن ذى الذكر ، لقد تنزهت ربّنا عن الشريك والولد ، فلك الحمد ، ولرسلك السلام .. ولكن الذين كفروا «فى عزة» أي غرور بأنفسهم ، «وشقاق» أي منازعة فى هذا الأمر الذي سلّم لك به الوجود كله ..
وعلى القول الثاني ، يكون جواب القسم ، هو ما ختمت به سورة الصافات ، وهو قوله تعالى (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ ، وَسَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) ، وقد تقدم الجواب على القسم.
وقوله تعالى : (بَلِ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي عِزَّةٍ وَشِقاقٍ).
وصف المشركين بالعزة ، هو فى مقابل قوله تعالى فى آخر «الصافات» (سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ) .. فهذه العزة التي للمشركين هى عزة باطلة مدّعاة ، هى عزة غرور ، وحمق وجهل ، تلك العزة التي يخيل لمدعيها أنه واحد هذه الدنيا ، ومالك أمرها ، وهذا ما يشير إليه قوله تعالى فى شأن مدعى هذه العزة الكاذبة : (وَإِذا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ) (٢٠٦ : البقرة) .. فعزة الكافرين هى من هذه العزة ، التي تملأ كيان صاحبها غرورا وتعاليا ..
وفى حرف الجر «فى» الذي يفيد الظرفية ، إشارة إلى أن هذه العزة الكاذبة ، مستولية على أهلها ، مغطية على أبصارهم ، فلا يرون على صفحة مرآتها إلا أنفسهم ، فى هذا الثوب الزائف الذي لبسوه.
والشقاق الذي ، فيه هؤلاء الكافرون ، هو منازعتهم لله فى عزته ، واستكبارهم عن أن يستجيبوا لله ، ويؤمنوا به
قوله تعالى :
* (كَمْ أَهْلَكْنا مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ قَرْنٍ فَنادَوْا وَلاتَ حِينَ مَناصٍ).