عمر بن شبّه ، عن الضّحّاك : أنّ المهديّ قدم البصرة ، فكان يصلّي بنا ، فقام أعرابيّ فقال : يا أمير المؤمنين ، مر المؤذّن لا يقيم حتى أتوضّأ ، فأمر به ، فتعجّبوا من أخلاق المهديّ (١).
قال الأصمعيّ : سمعت المهديّ على المنبر يقول : إنّ الله أمركم بأمر بدأ فيه بنفسه ، وثنّى بملائكته فقال : (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِ) (٢).
قال المدائنيّ : دخل رجل على المهديّ فقال : إنّ المنصور شتمني وقذف أمّي ، فإمّا أمرتني أن أجلده ، وإمّا عوّضتني فاستغفرت له. قال : ولم شتمك؟ قال : شتمت عدوّه بحضرته فغضب.
قال : ومن عدوّه؟ قال : إبراهيم بن عبد الله بن حسن ، قال : إنّ إبراهيم أمسّ به رحما ، وأوجب عليه حقّا ، فإن كان شتمك كما زعمت فعن رحمه ذبّ ، وعن عرضه دفع ، وما أساء من انتصر لابن عمّه ، قال : إنّه كان عدوّا له ، قال : لم ينتصر للعداوة بل للرحم ، فأسكت الرجل ، فلما ذهب ليولّي قال : لعلّك أردت أمرا فجعلت هذا ذريعة ، قال : نعم ، فتبسّم وأمر له بخمسة آلاف (٣).
قال الأصمعيّ : دخل على المهديّ رجل شريف ، فأمر له بمال ، فقال : يا أمير المؤمنين ، ما أنتهي إلى غاية شكرك إلّا وجدت وراءها غاية من معروفك ، فمات عجز الناس عن بلوغه ، فالله من ورائه ، في كلام ذكره.
عبيد الله بن أحمد ، عن أبيه قال : أخبرت عن الربيع ، أنّ المنصور يوما فتح خزانة ممّا قبض من خزائن مروان بن محمد ، قال : فأحصى فيها اثني عشر ألف عدل خزّ ، فأخرج منها ثوبا فقال لي : اقطع لي جبّة ، ولمحمد جبّة ، فقلت : لا يجيء منه هذا قال : اقطع لي جبّة وقلنسوة ، وبخل أن
__________________
(١) تاريخ بغداد ٥ / ٤٠٠ ، الإنباء في تاريخ الخلفاء ٧١ ، خلاصة الذهب المسبوك ٩٥.
(٢) سورة الأحزاب ، الآية ٥٦.
(٣) تاريخ الطبري ٨ / ١٧٦ ، تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٤ ، ٣٩٥.