قال الأصمعيّ : كان نقش خاتم المهديّ : «الله ثقة محمد ، وبه يؤمن» (١).
وروى أبو العيناء ، عن مسلمة بن عديّ ، أنّ المهديّ قال في خطبته :
أيّها النّاس : أسرّوا مثل ما تعلنون من طاعتنا نهبكم العافية وتحمدوا العاقبة ، واخفضوا جناح الطّاعة لمن نشر معدلته فيكم وطوى الإصر عنكم ، وأهال عليكم السلامة من حيث رآه الله مقدّما ذلك ، والله لأفنينّ عمري بين عقوبتكم والإحسان إليكم.
قال منارة : فرأيت وجوه النّاس تشرق فرحا.
قال نفطويه : أخبرني أبو العباس المنصوريّ قال : لما حصلت الخزائن في يد المهديّ ، أخذ في ردّ المظالم ، فأخرج أكثر الذخائر ففرّقها ، وبرّ أهله ومواليه (٢).
قلت : كان أبوه. جمع من الأموال ما لا يعبّر عنه ، وكان مسّيكا.
فذكر عن الربيع الحاجب أنّه قال : مات المنصور وفي بيت المال مائة ألف ألف درهم ، وستّون ألف ألف درهم ، فقسّم ذلك المهديّ وأنفقه ، وكانت نفقة المنصور ما يجيئه من مال الشّراة نحو ألفي درهم في السنة (٣).
قلت : وزن ذلك المال بالقنطار الدّمشقيّ ألف قنطار وستّمائة قنطار وسبعون ، وإذا صرف بها ذهب مصريّ ، جاء أزيد من مائة قنطار وسبعين قنطارا.
وعن صالح المرّيّ قال : دخلت على المهديّ بالرّصافة فقلت :
أجهل قولي يا أمير المؤمنين فإنّ أولى الناس بالله أحملهم لغلظة النّصيحة فيه ، وجدير من له قرابة رسول الله صلىاللهعليهوسلم أن يرث أخلاقه ويأتمّ بهداه ، وقد ورّثك الله من فهم العلم وإنارة الحجّة ميراثا
__________________
(١) التنبيه والإشراف ٢٩٧ ، العقد الفريد ٥ / ١١٥.
(٢) تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٢ ، ٣٩٣ ، خلاصة الذهب المسبوك ٩١.
(٣) تاريخ بغداد ٥ / ٣٩٣.