ـ فصل من صدقه ـ
قال الحسين بن الحسن المروزيّ : ثنا الهيثم بن جميل ، سمعت مهلهلا يقول : خرجت مع سفيان إلى مكّة ، وحجّ الأوزاعيّ ، ورافقنا في بيت ثلاثا ، فبينما نحن جلوس ، دخل خصيّ فقال : قد جاء الأمير ، وعلى الناس عبد الصّمد عمّ المنصور ، فأمّا أنا والأوزاعيّ فثبتنا ، وأمّا سفيان فدخل قبرا ، فدخل الأمير عبد الصّمد فسلّم عليه الأوزاعيّ ، فقال : أين أبو عبد الله؟ قلنا : فدخل لحاجته ، وقمت إليه فقلت : إنّه ليس ببارح حتّى تخرج ، فقال عبد الصّمد : يا أبا عبد الله : إنّك رجل أهل المشرق وعالمهم ، بلغني قدومك فأحببت الاقتداء بك ، فأطرق سفيان ثم قال : ألا أدلّك على خير من ذلك؟
قال : وما هو؟ قال : اعتزل ما أنت فيه ، قال : فقلت : إنّا لله ، تستقبل الأمير بهذا! قال : فتغيّر لونه وقال : إنّ أمير المؤمنين لا يرضى منّي بهذا ، وقام فخرج مغضبا (١).
وروى محمد بن النّعمان بن عبد السّلام قال : مرض سفيان بمكّة ومعه الأوزاعيّ ، فدخل عليه عبد الصّمد ، فحوّل وجهه إلى الحائط ، فقال الأوزاعيّ : إنّه سهر البارحة فلعلّه نائم ، فقال سفيان : لست بنائم ، لست بنائم ، فقام عبد الصّمد ، فقال الأوزاعيّ لسفيان : أنت مستقتل لا يحلّ لأحد أن يصحبك (٢).
وقال إبراهيم بن أعين : كنت أصبّ الماء على سفيان وهو يتوضّأ ، فجاء عبد الصّمد أمير مكّة فسلّم على سفيان ، فقال له : من أنت؟.
قال : أنا عبد الصّمد ، قال : كيف أنت؟ اتّق الله ، وإذا كبّرت فأسمع (٣).
يعني أنّه كان يصلّي بالنّاس وما كان خلفه من يكبّر.
زيد بن أبي خداش ، أنّ الثّوريّ لقي شريكا فقال : بعد الفقه والخير
__________________
(١) المعرفة والتاريخ ١ / ٧٢٤ ، حلية الأولياء ٧ / ٣٩ ، تاريخ بغداد ٩ / ١٥٨ ، ١٥٩.
(٢) حلية الأولياء ٧ / ٣٨ ، ٣٩ وانظر حكاية مشابهة فيها «محمد بن إبراهيم الليثي» بدل «عبد الصمد الهاشمي» (٧ / ٤٥ ، ٤٦) ، التذكرة الحمدونية ١ / ١٦٦ رقم ٣٧٨.
(٣) حلية الأولياء ٧ / ١٤.