السّمّاك ، فلمّا نظر إلى رأسه قال : يا داود : فضحت القرّاء ، فلمّا حملوه إلى قبره شيّعه خلق حتى خرج ذوات الخدور ، فقال ابن السّمّاك (١) : يا داود سجنت نفسك قبل أن تسجن ، وحاسبتها قبل أن تحاسب ، اليوم ترى ثواب ما كنت ترجو ، وله كنت تنصب ، فقال أبو بكر بن عيّاش : اللهمّ لا تكله إلى عمله ، فأعجب الناس ما قال أبو بكر (٢).
وقال عبد الرحمن بن مهديّ : بلغني أنّ داود الطّائيّ لما دفن ، أخذ الناس يثنون ، فقال أبو بكر النّهشليّ : اللهمّ لا تكله إلى عمله (٣) ،
قال أحمد الدّورقيّ : حدّثني محمد بن عيسى الوابشيّ قال : رأيت الناس هاهنا باتوا ثلاث ليال مخافة أن تفوتهم جنازة داود.
ورأيت الناس كلّهم يبكون ، ما شبّهته إلّا بيوم الخروج (٤).
قال الدّورقيّ : ونا أبو داود الطّيالسيّ قال : شهدت جنازة داود الطّائيّ ، وحضرته عند الموت ، فما رأيت أشدّ نزعا منه ، أتيناه من العشيّ ونحن نسمع نزعه قبل أن ندخل ، ثم غدونا عليه وهو بعد في النّزع ، فلم نبرح حتّى مات (٥).
قال : وثنا الحسن بن بشر قال : حمل داود الطّائيّ على سريرين أو ثلاثة ، تكسّر من زحام الناس عليه ، فيغيّر السرير ، وصلّي عليه كذا كذا مرّة ، وحضرت جنازته (٦).
أنبأنا أحمد بن سلامة ، عن عبد الرحيم بن محمد بن عبد الواحد بن
__________________
(١) انظر خطبة طويلة لابن السّمّاك يرثي فيها داود عند دفنه في : عيون الأخبار ٢ / ٣١٥ ، ٣١٦ ، والعقد الفريد ٣ / ٢٣٨ ، ٢٣٩ ، وتاريخ بغداد ٨ / ٣٥٤ ، ٣٥٥ ، وصفة الصفوة ٣ / ١٤٣ ـ ١٤٦.
(٢) حلية الأولياء ٧ / ٣٤٠ ، تاريخ بغداد ٨ / ٣٥٥ ، صفة الصفوة ٣ / ١٤٦ ، وفيات الأعيان ٢ / ٢٦٢ ، تهذيب الكمال ٨ / ٤٦٠ و ٤٦١.
(٣) حلية الأولياء ٧ / ٣٤٠.
(٤) حلية الأولياء ٧ / ٣٤١.
(٥) حلية الأولياء ٧ / ٣٤١.
(٦) حلية الأولياء ٧ / ٣٤١.