إلى كتبه فغرّقها في الفرات ، وأقبل على العبادة وتخلّى (١).
وكان زائدة صديقا له ، فأتاه يوما فقال : يا أبا سليمان : (الم ، غُلِبَتِ الرُّومُ) (٢) ، قال : وكان يجيب في هذه الآية ، فقال له : يا أبا الصّلت ، انقطع الجواب ، وقام ودخل بيته (٣).
رواها ابن المدينيّ ، عن سفيان ، وزاد فيها : كان داود ممّن علم وفقه ونفذ في الكلام قال : وأخذ حصاة فحذف بها إنسانا ، فقال له أبو حنيفة : يا أبا سليمان ، طال لسانك ، وطالت يدك ، فاختلف بعد ذلك سنة لا يسأل ولا يجيب (٤).
وقيل : كان داود يعالج نفسه بالصّمت ، فأراد أن يجرّب نفسه هل يقوى على العزلة ، فقعد في مجلس أبي حنيفة سنة لم ينطق ، ثم اعتزل الناس (٥).
قال أبو أسامة : جئت أنا وابن عيينة إلى داود الطّائيّ ،
فقال : جئتماني مرّة فلا تعودا إليّ (٦).
وعن أبي الربيع الأعرج قال : كان داود الطّائيّ لا يخرج من منزله حتى يقول المؤذّن : قد قامت الصلاة ، فإذا سلّم الإمام أخذ نعله ودخل منزله ، فأتيته فقلت : أوصني ، قال : اتّق الله ، وبرّ والديك ، ثم قال : ويحك ، صم الدنيا ، واجعل الفطر الموت ، واجتنب الناس غير تارك لجماعتهم (٧).
وعن ابن إدريس : قلت لداود : أوصني ، قال : أقلل من معرفة الناس ، قلت : زدني ، قال : ارض باليسير مع سلامة الدّين ، كما رضي
__________________
(١) حلية الأولياء ٧ / ٣٣٦ ، تاريخ بغداد ٨ / ٣٤٨ ، وفيات الأعيان ٢ / ٢٥٩.
(٢) أول سورة الروم.
(٣) حلية الأولياء ٧ / ٣٣٦ ، تاريخ بغداد ٨ / ٣٤٨ ، تهذيب الكمال ٨ / ٤٥٦.
(٤) حلية الأولياء ٧ / ٣٣٦ ، تاريخ بغداد ٨ / ٣٤٧ ، ٣٤٨.
(٥) حلية الأولياء ٧ / ٣٤٢ ، صفة الصفوة ٣ / ١٣١.
(٦) حلية الأولياء ٧ / ٣٤٢ ، صفة الصفوة ٣ / ١٣١.
(٧) حلية الأولياء ٧ / ٣٤٢ ، ٣٤٣ ، وانظر : الزهد الكبير للبيهقي ١٤٢ رقم ٢٨٢ ، وتاريخ بغداد ٨ / ٣٥١ ، وصفة الصفوة ٣ / ١٣٣ و ١٣٤ ، وفيات الأعيان ٢ / ٢٦١.