وكان كثيرا ما يتمثّل ببيت الأخطل :
وإذا افتقرت إلى الذّخائر لم تجد |
|
ذخرا يكون كصالح الأعمال (١). |
وقد كان الخليل آية في قوّة الذّكاء (٢).
قال النّضر بن شميل : ما رأيت في المشايخ أشدّ تواضعا منك يا خليل بن أحمد ، لا ابن عون ، ولا غيره (٣).
ويقال : برز من أصحاب الخليل أربعة : النّضر ، وسيبويه ، وعليّ بن نصر (٤) ، ومؤرّج بن عمرو السّدوسيّ ، وكان أبرعهم في النّحو : سيبويه ، وغلب على النّضر اللّغة ، وعلى مورّج الشّعر واللّغة ، وعلى عليّ الحديث (٥).
وللخليل كتاب «العين» ، وهو نفيس مشهور (٦).
قال عليّ بن الحارث الكنديّ ، فيما رواه عنه الطّحاويّ ، عن أبي شمر ، قال : لقيني الخليل بن أحمد فقال : قد وضعت كتابا أجمع فيه بين المختلفين ، فقلت : إن كان كذلك ، فما شيء بعد القرآن أنفع منه ، قال : فعرضه عليّ فإذا هو أبعد شيء مما سمّى ، فقلت له : إنّ الله قد آتاك علما له
__________________
(١) البيت في ديوان الأخطل ١٥٨ ، وإنباه الرواة ١ / ٣٤٥ ، ووفيات الأعيان ٢ / ٢٤٨.
(٢) قيل : لم يكن بعد الصحابة أذكى من الخليل ، ولا أجمع لعلم العرب (إنباه الرواة ١ / ٣٤٥).
(٣) يروى عن النضر بن شميل أنه قال : كنّا نمثل بين ابن عون والخليل بن أحمد أيّهما نقدّم في الزهد والعبادة فلا ندري أيّهما نقدّم. وكان النضر يقول : ما رأيت رجلا أعلم بالسّنّة بعد ابن عون من الخليل بن أحمد. (نزهة الألباء ٤٧).
(٤) هو الجهضميّ.
(٥) نزهة الألباء ٥٥.
(٦) أكثر العلماء العارفين باللغة يقولون : إن كتاب العين في اللغة المنسوب إلى الخليل بن أحمد ليس تصنيفه ، وإنّما كان قد شرع فيه ورتّب أوائله وسمّاه ب «العين» ثم مات فأكمله تلامذته النضر بن شميل ومن في طبقته وهم : مؤرّج السدوسي ونصر بن علي الجهضميّ وغيرهما ، فما جاء الّذي عملوه مناسبا لما وضعه الخليل في الأول ، فلهذا وقع فيه خلل كثير يبعد وقوع الخليل في مثله. وقد صنّف ابن درستويه في ذلك كتابا استوفى الكلام فيه ، وهو كتاب مفيد. (وفيات الأعيان ٢ / ٢٤٦ ، ٢٤٧).
ولكتاب العين حكاية طريفة في طبقات ابن المعتز ، يتبيّن منها أن النسخة الأصليّة التي كتبها الخليل احترقت قبل أن ينسخها أيّ إنسان ، والّذي وضع بعد ذلك كان حفظا.