لليقظة ... ذلك للموت ، وهذا للبعث .. (وَهُوَ الَّذِي يَتَوَفَّاكُمْ بِاللَّيْلِ وَيَعْلَمُ ما جَرَحْتُمْ بِالنَّهارِ ثُمَّ يَبْعَثُكُمْ فِيهِ لِيُقْضى أَجَلٌ مُسَمًّى .. ثُمَّ إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ) (٦٠ : الأنعام).
وقد كان الليل ، لسلطانه هذا ، إلها ، يناظر النهار ، ويقاسمه حكم هذا العالم .. فدان كثير من الناس بهذه الديانة المثنوية ، فجعلوا الآلهة اثنين ، إلها للنور ، وآخر للظلمة .. واعتقدوا في إله النور الخير ، على حين كان معتقدهم فى إله الظلام أنه شر ، وأن الحرب دائرة بينهما ، وأن على المؤمنين أن ينتصروا لإله الخير ، وأن يرقبوا خلاص العالم ، من الظلام ، والشر ، على يديه ... وإلى هذا المعنى أشار المتنبي بقوله :
وكم لظلام الليل عندك من يد |
|
تحدّث أن المانوية تكذب |
فهو يجد في الليل طيف محبوبه يلمّ به ، ويسعده ، فى زورة من زورات الأحلام ، وهذا يحدث عن الليل بما يكذب المانوية ، التي تعتقد أن الليل شر لا يجىء منه خير! بل إن المتنبي ليجد هذه اليد الكريمة لليل عنده في عالم اليقظة حيث يتخذ من الليل ستارا يخفيه عن أعين الرقباء ، فيقول :
أزورهم وسواد الليل يشفع لى |
|
وأنثنى وبياض الصبح يغرى بي |
وكم تغنى الشعراء بالليل؟ وكم حدا الحداة وهم سائرون في عبابه ، مأخوذون بهيبته وجلاله؟.
وكم ناجى العبّاد ربهم بالليل ، وقطعوا آناءه حمدا وتسبيحا ، وركوعا وسجودا؟
إن الليل ، وإن لم يستول على الإنسان سلطان النوم فيه ، فإن في ظلامه غرصة تحجز الحواس عن الانطلاق ، وتمسكها عن العمل ، وعندئذ تصحو