فى عالم الأحلام ، صاغرا ذليلا ، فكال له الصاع صاعين ، وشفى ما بنفسه من قسوة الظلم ومرارته؟.
وكم من محبّ باعد الزمن بينه وبين حبيبه ، وانقطع بينهما حبل اللقاء ، بغربة نائية في عالم الأحياء ، أو عالم الموتى .. وإذا هما في الكرى على لقاء ، يتساقيان كئوس الحبّ مترعة ، ويرتشفان راح المودة صافية؟.
وكم من عالم وقف به علمه أمام معضلة لم يجد لها حلّا ، حتى دبّ اليأس فى صدره ، وغربت شمس الرجاء من أفقه ، وإذا هواتف الرؤى تناديه ، وتبوح إليه في نومه بما ضنت به عليه في يقظته .. وإذا الحقيقة بين يديه سافرة ، والمعضلة بديهة!! وكم؟ وكم؟ وكم؟
إننا في عالم النوم لنجنى من الثمرات العقلية ، والروحية ، والنفسية ، ما لا نحصل عليه في يقظتنا ، بمدركاننا ، وحواسنا.
ذلك أن النوم إذا قطع صلتنا بعالم الحسّ ، وصلنا بعالم الروح .. وكما تأخذ أجسادنا حظّها من طعام وشراب ، من عالمها المادي ، فإن أرواحنا ، ونفوسنا ، وعقولنا تتزود في رحلة النوم ، من عالم الروح بكل ما تستطيع الوصول إليه منه.
فالنوم ليس إلا حبسا للجسد ، وإطلاقا للروح. وهو بهذا إنما يعطى الجانب الروحىّ من الإنسان حظه ، من التحرر والانطلاق من كثافة المادة ، وضغوطها ، وظلامها .. وإلّا ، فإنه لو ظنّت الروح حبيسة في كيان الجسد ، تقوم على حراستها في داخل هذا السجن المظلم ـ الحواسّ والمدركات ـ لاختنقت ، وانطفأ نورها ، ومات شعاعها.
وماذا يبقى للإنسان أو من الإنسان إذا عطبت روحه ، وانطفأ هذا المصباح الإلهى المشتعل في كيانه؟ إنه لا إنسان بغير روح ، وإنه لا وجود لإنسانية